الكوميدي البارع جمال حسن سعيد .. أرجو ألا يكون مفهوم الفن معوياً
أنفلونزا الجهل أخطر من وباء كورونا!!
أنفلونزا الجهل أخطر من وباء كورونا!!
أستلهم أعمالي من البيت والشارع السوداني ولا أشعر بتضخم في الذات!!
جمال حسن سعيد، فنان مثقف يعي أبعاد رسالته جيداً.. ارتسم في الأفق دفقة عطر وهمسة حب أخاذة.. مبدع استثنائي ورقم في خارطة الدراما السودانية.. صقلته التجربة فصار المصدر الوحيد للابتسامة في هذا الزمن العبوس.. استطاع بفنِّه الجذّاب وعفويته التلقائية البراقة أن (يتحكّر) داخل قلوب ملايين الشعب السوداني. صحيفة (نادوس) الإلكترونية التقت جمال حسن سعيد في عجالة وأجرت معه هذا اللقاء.
ــ من أين تستلهم أعمالك الدرامية؟
من البيت والشارع السوداني وهموم الحياة اليومية، تجدني أتأمل ذلك المجتمع العريض أسبر أغواره، وهذا نابع من إيماني بأن الفنان مصلح اجتماعي يستطيع أن يُغير في السلوك الاجتماعي، وهذا الفن عنصر من عناصر التغيير وهو وسيلة من وسائل التأثير المباشر.
ـــ كيف يكون إحساسك لحظة ميلاد الفكرة؟
أحترق لحظة ميلاد أي فكرة، لا أستطيع امتطاء صهوة جوادها، فالأفكار أحياناً تصبح كالخيول لا نستطيع ترويضها.
ــ هل هنالك تعريف محدد للكوميديا؟
هي إحدى الوسائل التي تستطيع طرح المشاكل الاجتماعية المعقدة بطريقة مؤثرة وساخرة وبها شيء من البهار ويمكن للنفس قبولها ومناقشتها.
ــ ماذا بعد أن وصلتَ القمة وملأت الدنيا وشغلت الناس؟
أنا أومن بأنه ليس هناك وصول للغاية النهائية للفن لأنه متجدّد مع تجدّد الحياة والزمن.
ـــ ولكن هناك فنانون اتخذوا الفن وسيلة للكسب المادي فماهو تعليقك؟
أرجو ألا يكون مفهوم الفن معوياً، ويجب على الفنان ألا يقدم لكي يعيش منه ويقتات، ولكن السؤال المُلِح لماذا يقتات الفنان من الفكر؟ فالخبز أحياناً يعمل على انهيار الصروح وتهوي له القصور، ولكنه لا يسطر للفنان سطراً جميلاً وقدرة على الاتزان.
ــــــ جمال حسن سعيد بين الأسرة والشهرة؟
أنا سوداني عادي أعيش في حِلة شعبية أمارس حياتي بلا عقد وأعتقد أن الفن يكمن في الواقعية والإيمان بالحياة العادية، وأنا داخل الأسرة والشارع عادي جداً ولا أشعر بأي تضخم في الذات.
ـــ إلى أيهما ينحاز جما الشعر أم المسرح؟
الشعر هو جزء من أدوات المسرح ولغاته، والمسرح ماعون واسع يسع كل الفنون.
ـــ وأيهما عبّر عن داخلك بصورة أكبر؟
أنا أجد نفسي أينما أستطيع التنفس، فالشعر والمسرح كلاهما عندي يصنع الحياة معطياً للفكرة، وأعتقد أن المسرح الآن وضعه أفضل بكثير، قدم أعمالاً جيدة يمكنها أن تنافس خارجياً، وهناك شيء آخر في غاية الأهمية، يجب علينا الإيمان بأن الدراما هي إحدى الأوعية وهي وسيلة ورسالة للشعوب، ونحن لم نكن نعرف اللغة الروسية وعرفناها عبر الاحتكاكات والتنقلات الخارجية، وهذا إيماناً منا بأن الدراما ماعون مهم يمكن أن يتم فيه غسيل دائم للشعوب في عاداتها وتقاليدها، تفرضها عليك لذا نحن في حرب ثقافية، ولابد من وضع استراتيجيات للدفاع عن الشخصية السودانية عبر الدراما.
ــــ مم تخشى؟
الشيء المخيف أن السماء فاتحة ومطلقة وأخشى أن يصيب جنون البقر الوجدان، فالعالم أصبح مليئاً بالعدوى، لكن الأسوأ من جنون البقر انفلونزا الجهل، وأرجو ألا تصيب انفلونزا الكورونا الدراما السودانية، فلابد للفنان أن يدافع عن الإنسانية من خراب الفكر والخراب الاجتماعي، فالدراما تلعب دوراً كبيراً تجاه ذلك.
ــــ وماهي القضية التي تشغل بالك؟
قضيتي أن يعلو صوت المسرح.
ـــ الصوفية بكل أبعادها ماذا تعني لك؟
داخل كل فنان صوفي، والصوفية بكل أبعادها الروحية تمثل جزءاً من وجداني، فهي الشعاع الذي يفتح لك ابعاداً جديدة وتجدني دائماً أردد ذلك المقطع الشهير
أدنى مافينا قد يعلونا يا ياقوت
فكن الأدنى تكن الأعلى يا ياقوت.
ـــ الممثل السوداني تجده في المسرح مميزاً وفي الإذاعة مدهشاً وفي التلفزيون لا حول له ولا قوة؟
هذا نابع لتباعد التجربة، والعمل الدرامي التلفزيوني الإنتاج فيه موسمي وأحياناً ينحصر في شهر رمضان، أما بالنسبة للإذاعة فهي فن الرؤية عبر الأذن وصاحبة إرث كبير ولعلك تتذكرين مسلسل (المقاصيف) و(قطر الهم)، وما زال الفن الدرامي بالإذاعة فيه شيء من الحبكة عكس التلفزيون الذي يفتقر للاستقرار.
حوار- هاجر شريف
صحيفة الصيحة