استبعد خبراء اقتصاديون تراجع الحكومة الانتقالية عن قرار تحرير الوقود بالرغم من رفض قوى الحرية والتغيير، مشيرين إلى أن القرار يمثل التزامات مع المؤسسات المالية الدولية وإصلاحات اقتصادية تأخرت كثيراً..
استعادة الثورة
وقال القيادي فى اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير التجاني حسين فى حديثه لـ (السوداني) إن الشعب أصبح أمام حالة جديدة تستدعي تصحيح مسار واستعادة ثورته التي ضحى من أجلها بالدماء الغالية، مشدداً على ضرورة انتزاع الملف الاقتصادي من وكلاء صندوق النقد الدولي وتسليمه للجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير لتطبيق سياسة مغايرة لتلك السياسة الفاشلة التي وصلت بالاقتصاد الوطني للهاوية، واصفاً قرار الحكومة بتحرير الوقود بأنه أول خرق فاضح لمقررات المؤتمر الاقتصادي القومي الأول الذي نظمته الحكومة الشهر الماضي لإنقاذ التدهور الاقتصادي.
سيناريو التحرير
ويذهب التجاني إلى أن قرار تحرير الوقود اتخذ في خضم حملة التضليل الكبرى حول الفوائد الاقتصادية للتطبيع مع إسرائيل، مضيفا أن الحكومة عملت على مضاعفة أسعار المحروقات إلى خمسة أضعاف تحت مسمى الوقود الحر، وضعفين تحت مسمى التجاري الخدمي، مع الإعلان عن مراجعة سعر الوقود الحر وزيادته مرة كل أسبوع تزامناً مع الارتفاع المصطنع في سعر الدولار من قبل ذات الفئات المستفيدة من الزيادات الكبيرة في أسعار المحروقات، موضحا أن القرار خطوة استباقية لعمل لجان مشتركة بين اللجنة الاقتصادية والجهاز التنفيذي ظلت خلال شهر تدرس موازنة ٢٠٢٠م، وأضاف: إذا كانت هناك فائدة اقتصادية فعلية من التطبيع مع الكيان الصهيوني؛ فإن النتيجة كانت من المفترض عدم اللجوء لرفع الدعم ومضاعفة أسعار المحروقات بعد أن تم رفع الدعم عن المحروقات فعليا بالوصول إلى سعر جالون البنزين من ٢٨ جنيها إلى ١٢٨ في الثلث الأول من العام الحالي الأمر الذي يعكس على أرض الواقع كذبة الفائدة الاقتصادية للتطبيع.
إملاءات خارجية
ونوه حسين إلى تزامن التطبيع مع إسرائيل مع تطبيق حزمة إملاءات صندوق النقد الدولي برفع الدعم عن الخبز والمحروقات ما يعكس أن الامر ليس سوى انصياع للإملاءات الخارجية وتطبيق لمنهج النيوليبرال في الاقتصاد، وأضاف: لا غرابة أن نرى أن المؤيدين لرفع الدعم عن المحروقات والسلع هم أنفسهم المؤيدين للتطبيع مع الكيان الصهيوني متحالفين مع وكلاء صندوق النقد الدولي الذين قدموا من الخارج وسيطروا على إدارة دفة الاقتصاد وألقوا ببرنامج قوى الحرية والتغيير ولجنة خبرائها الاقتصاديين ومقررات المؤتمر الاقتصادي القومي إلى سلة المهملات، مؤكداً أن اللجان المكَونة من اللجنة الاقتصادية والجهاز التنفيذي ظلت خلال شهر تدرس موازنة ٢٠٢٠ المعدلة، وكشفت زيف الأرقام الواردة فيها وتوصلت لحلول عملية لسد عجز الموازنة دون رفع الدعم أو تخفيض سعر صرف الجنيه السوداني، كاشفا عن أن اللجنة كانت بصدد إعلان نتائج أعمالها خلال أيام ولكن هذا الفعل الاستباقي يعكس أن الأمر ليس عجز الموازنة إنما تطبيق ايديولوجية النيوليبرال التى تقودها الرأسمالية العالمية ويتم تنفيذها عبر صندوق النقد الدولي ووكلائه في البلدان النامية، لافتا إلى أن خطوة مضاعفة أسعار المحروقات في الثلث الأول من العام أدت إلى ارتفاع تكلفة المواصلات للفرد الواحد في اليوم من ٣٠ جنيها إلى مابين ٣٠٠ – ٦٠٠ جنيه، متوقعا أن تنعكس الزيادات الجديدة فى الوقود برفع تكلفة المواصلات للفرد في اليوم إلى ما بين ٧٠٠ إلى ألف جنيه، متسائلا عن كيفية وصول العاملين في القطاعين العام والخاص إلى أماكن عملهم كما أن جميع أسعار السلع سترتفع مرة أخرى في موجة عارمة بسبب ارتفاع تكلفة النقل.
لا تراجع
واشار الخبير الاقتصادي محمد الناير فى حديثه لـ السوداني إلى أن قوى الحرية والتغيير لن تلزم الحكومة بالتراجع عن القرار بالنظر إلى تجربة الحكومة تطبيق قرار الوقود التجاري سابقا، وقال ان أداء قوى الحرية والتغيير اتسم بالضعف كما هو الحال فى البطء الذي لازم قرار الحكومة خاصة أنها لم تأت فى مصلحة المواطن، مشيرا إلى عدم التزام الجهاز التنفيذي بتطبيق برامج الحرية والتغيير وسياستها، لافتا إلى أن الموازنة فى فترة النظام المعزول بالرغم من خطأ عرضها على المكتب القيادي، الا انه كان يتم ذلك.
ونوه الناير الى انه حاليا الحاضنة السياسية ليس لديها قدرة على إنفاذ موجهاتها بالرغم من صلاحيتها في الزام الجهاز التنفيذي ببرامجها، واضاف: لا بد من ان تكون هناك سياسات واضحة من قبل الحاضنة للجهاز التنفيذي والالتزام بتطبيقها.
من جانبه كشف رئيس قطاع النقل بولاية الخرطوم الشاذلي الضواها لـ (السوداني) عن ان قطاع النقل والمواصلات بات مهددا بالتوقف بعد تحرير اسعار الوقود، مشيرا إلى أن الوزارة لم تبلغهم باتخاذ القرار كما أنها لم تجر اي دراسات حول انعكاسات القرار، مستبعدا تراجع الحكومة عن القرار بالرغم من آثاره الكارثية فى مختلف القطاعات.
صحيفة السوداني