* مما يحسب للمهندسة ولاء البوشي، وزيرة الشباب والرياضة أنها أهتمت دوناً عن أقرانها (وزراء الحكومة الانتقالية) بتقديم جرد حساب لما أنجزته خلال عامها الأول في المنصب، وتم ذلك في لقاءٍ مفتوح ومحضور، جمعها مع عدد كبير من الإعلاميين.
* ذاك نهج يستحق الإشادة، لأن زملاءها لم يفكروا، بل لم يحدثوا أنفسهم بتقديم ملخصٍ لما فعلوه في عامهم الأول.
* كذلك يحسب للوزيرة الشابة أنها استعانت بأهل الخبرة والدراية في مجالي الشباب والرياضة، ولم تجد حرجاً في إرجاء تقديم مشروع قانون هيئات الشباب والرياضة الجديد إلى مجلسي السيادة والوزراء لإجازته، بعد أن تلقت بعض الملاحظات السالبة عليه.
* لم تكابر مثلما فعل آخرون، أقدموا على تعديل قوانين مؤثرة من دون أدنى تشاورِ، وقبل أن يخضعوا التعديلات إلى نقاشٍ مثمر، كالذي أدارته البوشي، عندما بادرت بتنظيم ندوات وورش عمل، حول مشروع القانون الجديد.
* حتى النقد القاسي الذي وجهناه لها في هذه المساحة، عندما ابتدرت عهدها بمحاولة حل بعض الاتحادات الرياضية، وحرمانها من عقد جمعياتها العمومية لم يمنعها من دعوتنا مع آخرين للتفاكر حول كيفية إدارة وتطوير النشاط الشبابي والرياضي في البلاد.
* أمس حملت الوزيرة قلمها وأوراقها، وجلست مع الإعلاميين أكثر من ثلاث ساعات، وحرصت على تدوين مقترحاتهم بنفسها، وفعلها يدل على احترامها لدور الإعلام، ويشير إلى سعةٍ في الأفق، وحرصٍ على الاستنارة بآراء أهل الشأن من المختصين والمتابعين للحركة الرياضية والشبابية في السودان.
* الحقيقة تؤكد أن مهمة الوزيرة الشابة في غاية الصعوبة، لأنها ورثت تركة مثقلة بالفشل، وبنيات أساسية منهارة، ومستوى في الحضيض لكل الألعاب الرياضية، وملاعب تشبه الخرابات.
* قد لا يعلم كثيرون أن السودان كله يخلو من أي صالة رياضية بمواصفات دولية حتى اللحظة، وقد اضطر منتخبنا الوطني لشباب الكرة الطائرة إلى أداء مباراة إياب جمعته مع أحد المنتخبات الإفريقية في القاهرة قبل فترة، لأن الصالات الرياضية الموجودة في السودان تشبه زرائب الأبقار، وتفتقر إلى أبسط الاشتراطات المطلوبة في الصالات المغلقة.
* لا يوجد أي مضمار ألعاب قوى بمواصفات دولية في السودان، ولا يوجد لدينا مسبح أولمبي، ولا حلبات دولية للملاكمة، ولا ملاعب مؤهلة لممارسة الألعاب الجماعية والفردية، أما مراكز الشباب التي بنيت في عهد حكم الفريق إبراهيم عبود عليه الرحمة فقد تحولت إلى أنقاض، في معظم مدن السودان.
* حتى ملاعب كرة القدم الموجودة في العاصمة، مثل استادات المريخ والهلال والخرطوم تم حظرها مؤخراً بأمر الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، لأنها تعاني من نواقص وعيوب مؤثرة، جعلتها غير صالحة لاستضافة أي نشاط دولي أو قاري.
* المعلومة المؤسفة، بل والصادمة التي كشفتها الوزيرة في لقاء الأمس تعلقت بضعف ميزانية الوزارة، التي انحصرت في ثلاثمائة ألف جنيه فقط (في الشهر) على أيام الكورونا، وهي تساوي حوالي ألف ومائتي دولار، لا تكفي لاقتناء أدوات مكتبية، ولا لتوفير الوقود لسيارات الوزارة.
* مع ذلك الواقع المؤسف، وبرغم البيئة المتردية للنشاط الرياضي والشبابي في السودان، ومع ضعف الإمكانات وغياب الدعم الحكومي، إلا أننا ما زلنا نعول على حماس الوزيرة الشابة، وعلى إصرارها على تقديم شيء مفيد للرياضة السودانية وشباب الوطن، خلال الفترة الانتقالية.
* سعيها لاستعادة أراضي المدينة الرياضية ومحاسبة من تعدوا عليها يستحق التنويه، واجتهادها للقضاء على الفساد المعشعش في الوسط الرياضي مشكور، ويستحق الدعم، سيما وأن هذا الوسط الضخم المتشعب أصيب بسرطان الفساد، وتفشت فيه ظواهر التعدي على المال العام، وتزوير إرادة الرياضيين بالتدخل السياسي، والرشاوي المليارية.
* لذلك سندعم سعيها، ونشد على يديها، وننتظر منها المزيد من الاجتهاد للإصلاح في عامها الثاني، ونجزم أنها قادرة على إنجاز المهمة العسيرة، ومؤهلة للإنجاز، برغم المصاعب الجمَّة التي تحيط بوزارة الثورة.. إحاطة السوار بالمعصم.
مزمل ابو القاسم – صحيفة اليوم التالي