شكرا عز الشرطة وشيخها المنصور

# منذ فترة ليست بالقصيرة، لم أعجب ببيانٍ صادر من جهة رسمية سودانية، مثل إعجابي بذلك البيان المبين الفصيح الذي أصدرته الشرطة السودانية، عبر مكتبها الصحفي وناطقها الرسمي، الأخ اللواء الدكتور عمر عبد الماجد بشير، ارتفع إعجابي هذا عالياً لما في البيان من وضوح وشفافية، عطفاً على مهنية عالية كشفت الحال، ما بين المؤسسة التي تستند على أكثر من مائة عام من التجربة والخبرة في خدمة المجتمع، والناشط السياسي الذي يبدو أنه لا يعرف الكثير من مهام رجال الدولة وقادة العمل العام.. هو معذور، هناك فرق كبير بين أن تكون واليا على العاصمة القومية التي نعدها “سوداناً مصغراً” وان تكون مديراً للعلاقات العامة في شركة زيوت.
# دعونا نستعير بعض المفردات التي أنتجتها ثورة ديسمبر المجيدة التي استطاعت أن تعري الكثيرين بعد عام من الممارسة، ويكفينا، ويكفيكم بطبيعة الحال، أن نقول أن البيان ادخل السيد “أيمن خالد نمر” في “فتيل” عدم درايته بحدود سلطاته، وكذلك تسرعه في إصدار الأحكام قبل أن يتحرى ويتثبت لكي يحقق، على الأقل، واحدة من الشعارات التي رفعتها الثورة وهي العدالة.
# جميل جدا لدرجة الفخر والاعزاز، أن الشرطة لم “تتضارى” أو تدفن كبرياءها في رمال الجبن والاستسهال وهي ترد على بيان السيد الوالي حول معالجات أحداث 21 أكتوبر بشرق النيل، قالت صراحة إنه احتوى على حزمة من التوصيات التي تفتقر للمنطق والتراتيبية القانونية، حيث اوصت باعفاء مدير شرطة محلية شرق النيل في الفقرة (أ) ثم تحدثت عن اجراءات تحقيق اداري لاحقا، كما جاء بالبيان انهم (ابلغوا) من مكتب رئيس الوزراء بان الشرطة قد أوقفت كلاً من مدير شرطة محلية شرق النيل وقائد القوة التي كانت في موقع الحدث للتحقيق معهما بواسطة النيابة.
# ما بين البيانين الرسميين، ما بين الارتباك والوضوح، يمكن لأي قارئ أن يكتشف أيهما يحمل حجيته وموضوعيته في متنه، ويكفي أن الشرطة؛ حسب البيان، نفت مطلقاً إبلاغها بما أشار إليه الوالي وهي المعنية، بالضرورة، بهذا الأمر من قبل مكتب رئيس الوزراء أو أي جهة أخرى، حول إعفاء المذكورين، وأكدت كذلك: “لم يصدر قرار إداري من رئاسة الشرطة بإيقاف المذكورين عن العمل وهو إجراء إداري بحت يقع في اختصاص الضابط الأعلى بحسب الحال، وهو إجراء يختلف عن رفع الحصانة والذي يطلب من قبل النيابة العامة في حال توجيه اتهام محدد لأي من منسوبي الشرطة”.
# ألم أقل لكم بأن بيان الشرطة قد ادخل الوالي في” فتيل” حيث دفع بإشارة ذهبية ومهذبة ترسيخاً لمبدأ احترام المؤسسات وهو مبدأ كان من باب أولى أن يرسخ له ويصونه “خبير العلاقات العامة” الذي أصبح والياً.. وهل هناك تهذيب أكثر من أن تؤكد الشرطة: “إن ما ذكر لا يعني مقاومة الشرطة لأي اجراءات قانونية تجاه أي شخص أو أحداث أو وقائع بل إن الشرطة في بيانها بتاريخ ٢٢/اكتوبر ٢٠٢٠م اوضحت أنها طلبت من النيابة العامة تولي التحقيق في احداث مسيرة ٢١ اكتوبر، وذلك لضمان الشفافية والحيادية وتحقيق أقصى معايير العدالة، وأوضحت رغبتها الأكيدة في كشف الجناة وتقديمهم للعدالة بغض النظر عن مواقعهم او جهات انتمائهم ؛ وهو ما وافق توجيهات رئيس الوزراء بهذا الصدد واللجنة المعنية تباشر اعمالها بكل مهنيه وتعاون تام لتوفير الشهود والمعنيين وكل ما من شانة تحقيق العدالة.”
# نحن من هنا، نهمس في أذن “خبير العلاقات العامة” ونؤكد له على ما قاله بيان الشرطة بأنها عبر تاريخها الطويل الممتد قدمت عدداً كبيراً من منسوبيها لمنصات العدالة ونفذت عليهم عقوبات قاسية ما بين الطرد من الخدمة وحد الإعدام والشواهد في ذلك متعددة ومتاحة”.. فما كان أصوب له واجدى أن يمسك بسماعة الهاتف ويجري اتصالاً بالفريق ياسر الكتيابي مدير شرطة الولاية لكي” يرسيه على بر” التراتيبية، وحدود المسئولية، بدلاً من الاستنجاد بمكتب رئيس الوزراء.!!
# أخيراً اقول ل.. شكراً عز الشرطة وشيخها المنصور، فقد حفظت هيبة المؤسسة، وأعدت لها بريقها قولاً وفعلاً. والسلام ختام.

أيمن كبوش – صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version