صندوق النقد الدولي يتفق مع حكومة السودان على تعويم سعر صرف الجنيه

تعويم جنيه غارق في جدول :
حسب تقريره الاخير اتفق صندوق النقد الدولي مع الحكومة على تعويم سعر صرف الجنيه السوداني, أي اعتماد سوق السوق الحر /الأسود لكل المعاملات تقريبا . السؤال هل هذا التعويم من غير بكيني جيد أم سيء؟
للإجابة على هذا السؤال ، عليك أن تفهم أن هناك عالمين مرتبطين بسياق هذا السؤال.

الأول هو عالم تسيطر فيه الحكومة على نفسها وترعوي عن طباعة النقود لتمويل نفقاتها وبالتالي تقضي علي جموح التضخم. في هذا العالم, الذي يشابه الحالة المصرية في عصر السيسي, يكون تعويم سعر الصرف مؤلمًا للغاية لغالبية السكان ، وخاصة الفقراء ، ولكنه في نفس الوقت يقضي على مشاكل عويصة ويكون له فوائد معتبرة علي مستوي الاقتصاد الكلي. والمحصلة النهائية هي ان صافي النتيجة الاجتماعية والاقتصادية سلبي على الرغم من وجود فوائد لا يمكن انكارها فكريا أو سياسيا.

في هذا السيناريو أعلاه يظل قرار التعويم مفهوما في حدود الخلاف الفكري والايديلوجي المقبول والمفيد من فرق قد تختلف في الوسيلة ولكن أهدافها المعلنة متقاربة والأرضية الفكرية-الابستيملوجية لكل منهما متقاربة في فضاء ناسوتـي محترم.

العالم الثاني الذي يتم فيه تعويم جنيه بائس غير قادر علي الطفحان في ترعة هو فضاء توازن اقتصاد سياسي لا تستطيع فيه الحكومة التوقف عن طباعة النقود حتى قبل انضمام صقور الجبهة الثورية التجارية الِي كراسيها ، وبالتالي تستمر معدلات التضخم في الارتفاع لا محالة . في هذا العالم ، يكون تعويم سعر الصرف انتحار على جميع المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
للأسف الحكومة تعتزم تعويم سعر الصرف في السياق الثاني الانتحاري الذي يقارب الإهمال الجسيم ان لم يقارب الخيانة العظمي.
أكدنا مرارا وتكرارا ان أي اصلاح لا يبدا بالسيطرة علي عجز الموازنة والانفطام عن رب رب مصيره الفشل , أما تعويم العملة الذي تم الاتفاق عليه قبل ذلك الفطام فمصيره نحر الأمة.

معتصم أقرع

معتصم الأقرع
Exit mobile version