في الوقت الراهن هناك استحالة في منع دخول سيارات ما يسمى ب ( بوكو حرام ) ، و هي السيارات التي تدخل السودان عن طريق ليبيا عبر دارفور .
سبب الاستحالة لأن قادة واحدة من الأجسام المشاركة في السلطة ، هي التي تستفيد من هذا الوضع ، باستيراد النصيب الأعلى من السيارات و التي تتجاوز العشرة الف سييارة في العام .
يمكن أن تشحن باخرة كاملة من كوريا إلى ليبيا و من ليبيا رأسا الى السودان بالبر الغربي … علما بأن هذه السيارات ممنوعة من الدخول عبر الميناء الرئيسي بأمر السلطان بما يسمى فرق الموديل .
يحقق التجار و السماسرة و سلطات الجبايات في ليبيا من هذه التجارة مالا يقل عن 2 مليار دولار سنويا . هذا بخلاف سوق العمل الجديد الذي خلقته هذه التجارة التي ارتبطت بالسودان ….
قيمة السيارة المستعملة في كوريا أو اليابان يتراوح ما بين 400 إلى 2000 دولار و ترحيلها لا يتجاوز ال 400 دولار . تباع في أسواق السودان بما لا يقل عن سبعة الف دولار و أحيانا أعلى من ذلك بكثير ….
طالما أن السلطات لا يمكنها منع هذه التجارة ما دام المكون الامني موجود في المشهد السياسي السوداني ، فلماذا لا يتم تقنين هذه التجارة الرائجة كي تستفيد منها البلاد ؟! .
تجارة السيارات المستعملة رائجة في معظم دول افريقيا ، فبإمكاننا الاستفادة من موقعنا الجغرافي لنؤسس سوق إقليمي لعبور هذه السيارات ، وذلك باستيراد السيارات المستعملة من مصادرها كوريا و اليابان و الولايات المتحدة .
يمكننا تأسيس سوق حر للسيارات المستعملة في ولاية البحر الأحمر أو واحدة من ولايات دارفور و يعاد تصديرها إلى دول غرب أفريقيا . هذه التجارة ستوفر دخل للحكومة المركزية و الحكومات الولائية ، و كذلك توفر فرص عمل واسعة ، و تحدث حراك اقتصادي تستفيد منه الكثير من القطاعات .
في يوغندا و كينيا تستطيع شراء السيارة اليابانية التي تريدها بواسطة تطبيق على الهاتف، و يتم الدفع عن طريق فيزا كارد أو تطبيقات البنوك المختلفة ، مع ضمان وجود جهات أو شركات تستطيع معاينة السيارة للتأكد من خلوها من العيوب برسوم محددة لا تزيد كثيرا من قيمة السيارة . و خلال أقل من شهر تستلم السيارة بكامل الضمانات التجارية .
كل دول شرق أفريقيا الآن تشتري السيارات من هذين البلدين و قد خلقت فرص عمل لرؤس الأموال بتأسيس الشركات اللوجستية للنقل او المعاينة ، و خلقت ايضا سوق لشركات التامين ، و كذلك فرص عمل للخريجين و المهندسين و السواقين، حيث تشترط كينيا أن يكون السائق من الميناء في ممبسا إلى آخر نقطة في حدود البلاد، أشتراطهم أن يكون السائق كينيا ..
إنشاء مثل هذا السوق هو دور القطاع الخاص وعلى الدولة إصدار القوانين و اللوائح المنظمة للمشروع ، وكذلك إيجاد المكان المناسب وفق دراسة عميقة تشترك فيها كل الوزارات ذات الشأن . و يمكن أن يقوم مثل هذا السوق في عدد من الولايات ….
في الوضع الحالي هناك استحالة في ضبط البوابة الغربية ، لكن يمكن منع استيراد هذه السيارات بإنشاء هذه الأسواق الحرة و التي ستتوفر فيها السيارات بأسعار أقل من ليبيا ، و هذا يضعف كمية السيارات الواردة من هناك . و سينعكس اتجاه التيار بشراء هذه السيارات من السودان بدلا عن العكس ….
بالنسبة للسوق المحلي يتم ضبط السيارات بالجمارك ، فكل من لديه الرغبة يشتري السيارة و يدفع جماركها و تقوم الشركة بإكمال كافة الإجراءات حتى مرحلة ترخيص السيارة تماما كما يحدث في شرق إفريقيا .
مثل هذا المشروع مردوده الاقتصادي كبير ، يتمثل في الرسوم و الضرائب و إيجاد فرص عمل واسعة للشباب ، و الحراك الاقتصادي الذي يجمع السودان بدول الجوار الأفريقي ، و قد يكون نواة لأسواق حرة ضخمة تغذي كل دول وسط و غرب إفريقيا بكافة المنتجات المطلوبة …
سالم الأمين بشير
نوفمبر2020