في أعقاب الإعلان عن التطبيع مع السودان، يوم الجمعة الماضية، تقدم المهاجرون الإثيوبيون في إسرائيل بقائمة طلبات لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في محاولة جادة لاسترجاع ما أسموه “حقوقهم”.
فتح الاتفاق التاريخي مع السودان الباب أمام المهاجرين من أصل إثيوبي في إسرائيل للتقدم بقائمة طلبات لنتنياهو، من بينها أن يتضمن الاتفاق مع السودان الحديث عن المفقودين والقتلى من أصل إثيوبي في السودان، خلال رحلة هجرتهم إلى إسرائيل، وبناء نصب تذكاري لهم.
قائمة طلبات
أجرى غادي يافاركان، نائب وزير الأمن الإسرائيلي (من أصل إثيوبي) اتصالا هاتفيا مع نتنياهو، تقدم خلاله بقائمة طلبات، باعتبارها حالة خاصة وأمل في علاج جروح الماضي، وتتعلق بمحاولة استرجاع المفقودين اليهود الإثيوبيين من السودان، وزيارة قبور الموتى منهم، بعد تدشين نصب تذكاري لهم على الأراضي السودانية.
وأكد يافاركان أن اتفاق التطبيع بين إسرائيل والسودان فرصة تاريخية لاسترجاع حقوق اليهود الإثيوبيين المهاجرين على الأراضي السودانية، مشيرا إلى أن إسرائيل دشنت نصبا تذكاريا على جبل هرتسل تخليدا لذكرى من لقوا حتفهم من هؤلاء اليهود الإثيوبيين أثناء رحلات هجرتهم إلى البلاد.
وأعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يوم الجمعة الماضي، تطبيع السودان العلاقات مع إسرائيل. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض: “أعلن الرئيس دونالد ترامب، أن السودان وإسرائيل قد اتفقا على تطبيع العلاقات. خطوة كبيرة أخرى نحو بناء السلام في الشرق الأوسط مع دولة أخرى تنضم إلى اتفاق أبراهام”
مستوطنة “إثيوبية”
غادي يفركان نفسه، نائب وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، اقترح خلال لقائه مع يعقوب ليتسمان، وزير البناء والإسكان، تدشين مستوطنة للمهاجرين الإثيوبيين “يهود الفلاشا”، في تل أبيب، وذلك في 28 يوليو/ تموز الماضي.
وقدم يافاركان اقترحا مكتوبا لوزير الإسكان الإسرائيلي يقضي ببناء مستوطنة وتخصيصها للمهاجرين الإثيوبيين، وسط إسرائيل، فضلا عن توفير فرص عمل لهم في مجالات مثل الهندسة والبناء والبنية التحتية، معبرا عن سعادته بهذه الخطوة، قائلا: “خطوة لتحقيق حلم أجدادنا وبناء منازل لهم في الأرض التي حلموا بها، أخيرا سيتم إنشاء مدينة مخصصة للمهاجرين الإثيوبيين في إسرائيل بعد 40 عاما من الهجرة إليها، قد تكون خطوة صغيرة لإسرائيل، لكنها كبيرة لمجتمع المهاجرين الإثيوبيين، وأشكر الوزير ليتسمان على تفهمه”.
ومن جانبه، قال وزير البناء والإسكان، يعقوب ليتسمان، إنه من المهم إيجاد حل سكني لجميع السكان، بما في ذلك أفراد المجتمع الإثيوبي، وهو أمر مهم، ويجب اتخاذ الإجراءات اللازمة لإدماجهم في المجتمع بأي شكل من الأشكال.
هجرة ألفي إثيوبي
ومن بين تلك الحلول الإسرائيلية ليهود “الفلاشا”، أو “الفلاشمورا” (كما يطلق عليهم البعض) موافقة الحكومة، في 12 أكتوبر/ تشرين الجاري، على خطط هجرة لألفي إثيوبي، أثارت رغبتهم في الانتقال إلى إسرائيل جدلا وواجهوا تأخيرات طويلة.
يشار إلى أن يهود الفلاشا هم مجموعة المهاجرين الإثيوبيين من طائفة الفلاشا، وهم أحفاد اليهود الإثيوبيين الذين اعتنقوا المسيحية – كثير منهم تحت الإكراه – في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، ولم يتم الاعتراف بهم كيهود من قبل الحاخامات الأرثوذكس في إسرائيل، لكنهم يطالبون بالحق في الهجرة بموجب قواعد لم شمل الأسرة.
ووافقت الحكومة الإسرائيلية على نحو 9 آلاف طلب في عام 2015 لكنها ألغت القرار في العام التالي، بحجة قيود الميزانية.
عارضت بعض الجماعات في إسرائيل، بما في ذلك أفراد الجالية الإثيوبية، هجرة الفلاشا مورا، مشيرة إلى شكوك حول ادعاءاتهم بأنهم يهود، فيما شدد نتنياهو لمجلس وزرائه على أن الوقت قد حان لجلب “ألفين من أبناء شعبنا وإخواننا وأخواتنا من إثيوبيا. سنعمل أيضا على جلب البقية”.
قانون العودة
وتم استقدام الجزء الأكبر من الجالية اليهودية في إثيوبيا إلى البلاد بين عامي 1984 و1991 بموجب قانون العودة، الذي يضمن الجنسية الإسرائيلية لجميع اليهود.
ومنذ ذلك الحين، نما المجتمع الإثيوبي-الإسرائيلي إلى 140 ألف فرد، منهم 50 ألفا ولدوا في إسرائيل.
وعلى الرغم من محاولة اندماج “يهود الفلاشا” في المجتمع الإسرائيلي، فإنه بين الفينة والأخرى تتجدد احتجاجاتهم أمام الكنيست الإسرائيلي، ضد الحكومة، اعتراضا على ما يعتبرونه “معاملة عنصرية”.
وبدأت احتجاجات “يهود الفلاشا”، في شهر يوليو/تموز من العام الماضي، ضد ما يصفونه بالاضطهاد والعنصرية، التي يواجهونها في المجتمع الإسرائيلي، على خلفية مقتل شاب إثيوبي يدعى سالمون تيكا، برصاص شرطي قبل أيام بزعم تعرض الشاب له، وهو ما أشعل مظاهرات أسفرت عن إصابة المئات من عناصر الشرطة واعتقال نحو أمثالهم من المتظاهرين من يهود الفلاشا.
انطلقت الاحتجاجات، تحديدا، في 15 يوليو/ تموز الماضي، في إسرائيل، في الوقت الذي قضت محكمة الصلح في حيفا بالإفراج عن الشرطي قاتل الشاب من أصول أثيوبية، سولومون تاكا (18 عاما).
وفي أعقاب استعار نار الاحتجاجات لليهود من أصل إثيوبي، ناشد الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، ومعه كثير من وزراء حكومته الحالية، على رأسهم نتنياهو نفسه، المحتجين، ضبط النفس، ودعا إلى وضع سياسة تسهل دمج اليهود الإثيوبيين في المجتمع الاسرائيلي وعدم اضطهادهم والتمييز ضدهم بسبب لون بشرتهم.
واجتمعت اللجنة الوزارية المعنية باندماج المواطنين المنحدرين من أصول إثيوبية، غير مرة، وذلك في ظل موجة الاحتجاج والسخط حول مقتل هذا الشاب.
ويشار إلى أن “يهود الفلاشا” يخدمون في الجيش الإسرائيلي، ويعانون من الفقر المدقع، ويعملون في وظائف وحرف دنيا، مقارنة بغيرهم من الإسرائيليين، أصحاب البشرة البيضاء، أو ما يطلق عليهم “أصحاب الياقات البيضاء”.
ويعانى “يهود الفلاشا” بالعموم من العنصرية في إسرائيل، وقد نظموا مظاهرات احتجاجية كبيرة في الأعوام الأخيرة، خصوصا ضد التمييز ضدهم في المسكن والإيجار في بلدات مركز البلاد.
ويعني مصطلح “الفلاشا” باللغة الأمهرية، المنفيون، أو الغرباء، ويشكلون 2 % من مجموع سكان إسرائيل، أي حوالي 148 ألف مواطنا، وتمت هجرتهم في سياق سري للغاية، أغلبهم عبر السودان، وبدأت هجرتهم إلى إسرائيل في سبعينيات القرن الماضي.
سبوتنيك