تتسارع الأحداث في المنطقة العربية بشكل عام وفي السودان بشكل خاص فيما يتعلق بعملية التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل، هذا التسارع الذي تقوده إدارة ترامب غير متوقع بتلك السلاسة حتى لدى المنادين بالتطبيع منذ سنوات.
حول التحولات الدراماتيكية في المشهد السياسي السوداني المثقل بالأوجاع، والضغوط الأمريكية على بلد اللاءات الثلاث ضد إسرائيل، ومتى بدأ التطبيع المعلن مع إسرائيل وحقيقة زيارة وفد أمريكي إسرائيل للخرطوم الساعات الماضية، وهل يمكن التوقيع على اتفاق بين البلدين في الوقت الراهن..أجرت “سبوتنيك” المقابلة التالية مع تراجي مصطفى السياسية والعضو المستقيل من برلمان البشير ومؤسسة أول جمعية غير سرية للصداقة بين السودان وإسرائيل في العام 2006.
إلى نص الحوار..
سبوتنيك: ما حقيقة ما يجري الآن بشأن التطبيع بين السودان وإسرائيل؟
هناك بالفعل زيارات متبادلة بين القائمين على الحكم في السودان وبين إسرائيل، وهناك موافقات من المكون العسكري على التطبيع، أما الحكومة الانتقالية فهى منقسمة بشأن هذا الموضوع.
سبوتنيك: هل بالفعل كانت هناك زيارة سريعة لوفد إسرائيلي إلى الخرطوم.. وهوية هذا الوفد؟
بالفعل كانت هناك زيارة غير معلنة على من تل أبيب إلى الخرطوم مباشرة، وحسب المعلومات التي وصلتني فإن الطائرة التي وصلت الخرطوم من تل أبيب كان على متنها مستشاري ترامب ونتنياهو والتقوا البرهان، وكان برفقتهم نائب مدير مكتب نتنياهو رونن بيرتس ومستشار نتنياهو للعالم العربي ورئيس قسم الخليج وشمال أفريقيا، وقد كانت تلك الزيارة لاستكمال ما تم في الفترة الماضية من تفاوض حول رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب بالتطبيع، والإمارات هى التي ترعى هذا الموضوع، ولولا ما حدث من إغلاق بسبب جائحة كورونا، فقد نسقت أبو ظبي مع البرلماني ورجل الأعمال السابق على تسيير رحلة إلى إسرائيل تضم عدد من مختلف التوجهات في السودان.
سبوتنيك: تم حرق العلم الإسرائيلي في تظاهرات 21 أكتوبر/تشرين.. إذا من الذي يطبع.. وهل تمت بالفعل عملية التطبيع وتنتظر التوقيع الرسمي؟
الأحزاب الرافضة للتطبيع هم أحزاب أقليات مثل”الشيوعي والبعث”، أما بالنسبة لحزب الأمة فلا أعلم له موقف واضح ولكن كل الشواهد التاريخية تقول أنه سيمرر أي صفقة رغم ما يصرحون به بأنهم ضد التطبيع، وفي ذات الوقت الحكومة ما عدا رأس الهرم فيها مع التطبيع، وأيضا هناك تيارات دينية رافضة مثل السلفيين وبعض التيارات الأخرى”هؤلاء يرفضون مسمى التطبيع ويريدون له تسمية أخرى حتى يقبلوه”.
سبوتنيك: هل يعني هذا أن السودان يسير نحو التطبيع لا محالة؟
نعم .. هى مسألة وقت والأمور تسير بشكل أسرع مما كنا نتخيل.
سبوتنيك: أنتي أول من أسس جمعية للصداقة مع إسرائيل متى حدث هذا ولماذا؟
قمت بتأسيس الجمعية في العام 2006، وكانت رؤيتي أن الواقع سيفرض ذلك ولكن على المدى البعيد، وكنت أول من تحدث بصراحة وشفافية أمام الجميع واتهمت بالعمالة، واليوم هم يتسابقون لإعلان التطبيع، بل أنهم أخذوا اسم الجمعية وأنكروا من قام بتأسيسها.
سبوتنيك: هل كنتي تتوقعي ما يحدث الآن من تطبيع عندما قمت بتأسيس جمعيتك؟
كنت أتوقع ذلك ولكن ليس بهذه السرعة التي تحدث الآن.
سبوتنيك: لماذا تركتي السودان مجددا؟
تركت السودان بعد أن اعتقلتني حكومة حمدوك بتهمة ليست سياسية، بل بتهمة جنائية مفبركة، ثم سحبوا تلك القضية، لأجل أن أترك البلاد، بكل أسف النظام الحالي لا يختلف كثيرا عن النظام السابق، فهو نظام فاشل وغير ديمقراطي ويتستر وراء غطاء العلمانية.
سبوتنيك: بعد تظاهرات الأربعاء الماضي 21 أكتوبر/تشرين..كيف ترين المشهد القادم في البلاد؟
أرى أن هناك تحولات سوف تحدث خلال الفترة القليلة القادمة، على رأس تلك التحولات هو إجراء المصالحات مع الإسلاميين، لأنهم يسيطرون على الاقتصاد السوداني، وقد شاهدنا ما حدث للدولار ومتطلبات الحياة اليومية عندما حاولوا عزلهم خلال الفترة الماضية، والإسلاميين ليس لديهم مشكلة في التعامل مع الوضع الراهن لأنهم يعلمون أنها مرحلة جديدة لها أطروحاتها وأولوياتها، وهم من يخططون للبرهان في تلك المرحلة، لذا فإن التطبيع سوف يمرر.
سبوتنيك: هل أعضاء جمعية الصداقة كانوا من السودانيين فقط؟
أعضاء الجمعية من السودانيين فقط، وقمت بزيارة إلى تل أبيب من أجل حل مشاكل اللاجئين السودانيين هناك، وكل من التقيتهم خلال تلك الزيارة كانوا من منتسبي الأمم المتحدة وفقط، نظرا لأنه كان لدي مخاوف من الاتهامات بالعمالة، فكانت لقاءات بالمسؤولين الأمميين، لكنني عملت وأنا في كندا مع الكثير من اليهود، وهناك فرق بين اليهود وبين الإسرائيليين، ولم نكن نتحدث كثيرا عن إسرائيل، واليوم تمت سرقة جمعيتي وظهرت الكثير من الكيانات حتى على مواقع التواصل الاجتماعي بدعم إماراتي كبير.
سبوتنيك: عندما أسست جمعية الصداقة ماذا كان موقفك من قضية الشعب الفلسطيني والقضايا العربية؟
كانت أمامي رؤية بأن الفلسطينيين قادرين على التعامل مع قضيتهم وحدهم، فقد كنت التقيهم في الكثير من المؤتمرات، فهم مثقفون وقادرون على الحل، وهناك نقطة مهمة جدا تطمح لها إسرائيل وترامب كناتج للتطبيع مع الخرطوم وهى إيجاد وطن بديل للفلسطينيين، وهذا المطلب لم تطلبه اسرائيل في قمة أحلامها، لكن مع إدارة ترامب كل شىء متوقع، وأعود وأكرر أن الفلسطينيين قادرين على العيش مع الإسرائيليين في دولتين متجاورتين بسلام، وقد رصدنا تيارات يهودية وإسرائيلية كثيرة تعترف بحقوق الفلسطينيين وتسعى للتعايش السلمي، وتلك الأطراف مجتمعة قادرة على إيجاد الحل للقضية الفلسطينية، وقد كنت حريصة على التوعية داخل شعبي وأن تكف الحكومة السودانية وقتها عن استغلالنا، فكلما رفع سوداني رأسه مطالبا بحريته وحقوقه يتم اتهامه بالعمالة لإسرائيل، لأن لدينا صراعات داخلية وعدم قبول السودانيين بعضهم البعض، حتى حركات الكفاح المسلح تم اتهامها بالعمالة، لذا كانت فكرتي أن تتم مناقشة الأمور بوضوح وشفافية وأن نقابل تحدياتنا ونناقشها في إعلامنا بعيدا عن توجيه الاتهامات لدول أخرى.
أجرى الحوار/ أحمد عبد الوهاب
سبوتنيك