من الذي طبّعَ أولاً ؟!

لن نبخل أبداً في أن نبعث تهانينا الحارة للحكومة الانتقالية التي أحرزت تقدماً كبيراً في ملف العلاقات الدولية بصفة عامة ، وأعادت السودان محلقاً في الفضاء الخارجي بعد عزلة وظلمة استمرت لاكثر من عشرين عاماً بسب نظام المخلوع الذي (يردح) أنصاره الآن مناهضين لكل خطوة ايجابية يمكن ان تعيد للسودان مجده وعزه الذي سلبوه
وبمناسبة إنجازها العظيم وتقدمها الكبير في رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بصفة خاصة وهي خطوة عظيمة لها تأثيرها الكبير الذي سيخلق تحولاً اقتصادياً عميقاً إن استفادت حكومة السودان من هذه السانحة وألحقتها بقرارات اقتصادية وإصلاحات مؤسسية تشمل الوزارت الاقتصادية والبنوك لا سيما بنك السودان ووزارة المالية
وهذا ماننتظره فعلاً حتى نستطيع ان نجني ثمار هذا القرار وان لا تتساقط دون ان نستفيد منها فالتعامل مع القرار يحتاج مجهوداً أكبر من رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك الذي ابلى بلاء حسناً في تحقيق هذا الإنجاز الكبير الذي كان ينتظره الشعب السوداني وهو يحمل على عاتقه جملة هموم وظروف ويتوكأ على عصا المعاناة كان ومازال،
اما الذين يتباكون على التطبيع مع دولة اسرائيل فلهم ان يرجعوا الى الوراء قليلاً بذاكرة لن تكون عصية على خاصية الإجترار ، ففي العام ٢٠١٨ وقّعت إسرائيل والسلطة الفلسطينيّة اتفاقاً هو الأكبر من نوعه بينهما في ملف الكهرباء، حيث تطمح السلطة الفلسطينية من خلال هذا الاتفاق إلى تحرير ملف الكهرباء من سيطرة إسرائيل وبناء نظام كهربائيّ فلسطيني.
يعني حتى ٢٠١٨ (يادوب) فكرت فلسطين ان تتحرر من الاعتماد على كهرباء اسرائيل و (لحدي الآن ما اتحررت) وأبرمت السلطة الفلسطينيّة ممثّلة بشركة في شركة النقل الفلسطينية وهي شركة عامّة حكوميّة مع إسرائيل ممثلة بشركة الكهرباء الاسرائيلية اتفاقاً لمدّة 15 عاماً، يخوّلها شراء الكهرباء بالجملة من إسرائيل، وتزويد الضفّة الغربيّة بها
وفي ٢٠١٩ طالب اتحاد جمعيات حماية المستهلك الفلسطيني، بمقاطعة سلعة (الطحين) الإسرائيلية، ومنع تداول المنتجات والسلع الإسرائيلية في السوق الفلسطينية واصدرت بياناً تساءلت فيه لماذا لاتستورد السوق الفلسطينية احتياجاتها من الدقيق من جميع دول العالم دون الحاجة الى استيرادها من اسرائيل، يعني الدقيق الذي يصنع منه الخبز الفلطسيني اسرائيلي (مافي شك).
ولكن المهم هو إن إجمالي الصادرات الفلسطينية من الخضار إلى السوق الإسرائيلية، 55 مليون دولار سنوياً، بصدارة سلعة الخيار التي تشكل قرابة 45 بالمائة من إجمالي قيمة الصادرات، والأهم من المهم، هو وبحسب بيانات رسمية، تبلغ قيمة صادرات المنتجات الزراعية الفلسطينية إلى السوق الاسرائيلية 88 مليون دولار خلال 2018، تمثل 68 بالمائة من حجم الصادرات الزراعية الفلسطينية للعالم البالغة 130 مليون دولار.
هذه دولة فلسطين نفسها لم تترك حكومتها شعبها يقف في صفوف الخبز ولا صفوف الوقود ولا يعيش في ظلام دامس بسبب انقطاع التيار الكهربائي حملت قضيتها في أغوار دواخلها وجعلت شعبها يعيش ونحن نقاسمها ذات الدواخل وذات المشاعر في قلوبنا، ونبحث عن واقع أفضل ليس حساباً على مشاعرها ولكن بالنظر للقضايا والأمور بمنظار واحد ولحكمة من الله ان الذي يحتاجه الشعب الفلسطيني من خبز ووقود وكهرباء هو ذاته الذي يحتاجه الشعب السوداني إذاً من هو الذي طبع أولاً ؟!
طيف أخير:
نبني مجدك يابلادي
الجريدة
صباح محمد الحسن

Exit mobile version