ينظر قرابة 6 آلاف سوداني، كانوا نجحوا خلال السنوات الماضية في التسلل إلى إسرائيل بطرق غير قانونية، إلى إعلان اتفاق السلام بين الخرطوم وتل أبيب كبارقة أمل جديدة، إذ يعتقد هؤلاء أنه أصبح بالإمكان دمجهم في سوق العمل هناك، أو الفصل في طلبات اللجوء المقدمة منذ سنوات.
لكن مخاوف عميقة تشوب هذا الأمل، في ظل طرح مسألة إعادتهم إلى موطنهم الأصلي، والتي أصبحت أكثر سهولة عقب التوصل إلى اتفاق سلام بين البلدين.
وأعلنت وزارة الخارجية السودانية رسميا، أمس الأحد، توصل الخرطوم وتل أبيب إلى قرار بإنهاء العداء وتطبيع العلاقات، وبدء التعامل الاقتصادي والتجاري، وذكرت أن الأمم المتحدة ستعمل على استعادة البلاد حصانتها السيادية. وفي المقابل ذكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عبر حسابه على ”تويتر“، أن إسرائيل أرسلت إلى السودان شحنة من القمح تبلغ قيمتها 5 ملايين دولار.
وذكرت قناة ”أخبار 12“ مساء الأحد، أن اتفاق السلام بين السودان وإسرائيل ”قد يقرب اليوم الذي سيجد فيه طالبو اللجوء من السودان في بلدهم الأصلي“.
ونقلت عن مصدر سوداني في إسرائيل، يدعى هارون، أنه لم يأت إلى إسرائيل بسبب غياب العلاقات الدبلوماسية بين الخرطوم وتل أبيب، ولكن بسبب ما وصفها بعمليات الإبادة التي يتعرض لها سكان المنطقة التي يقطنها، مضيفا: ”ما زالت هذه المناطق غير آمنة“.
ونوهت القناة إلى أن القانون الدولي يحدد أنه من أجل إعادة طالبي اللجوء إلى موطنهم الأصلي، ينبغي أولا أن يكون هذا الموطن آمنا، كما أن السياسات الإسرائيلية في هذا الصدد تستند إلى القاعدة نفسها، وهو الأمر الذي تتفق عليه الحكومة والمستشار القضائي ووزارة الداخلية في إسرائيل، مشيرة إلى أنه على الرغم من إقصاء نظام عمر البشير في الخرطوم، بيد أن الوضع في السودان غير آمن.
ونقلت القناة عن د. إيريت باك، رئيسة برنامج الدراسات الأفريقية بجامعة تل أبيب، أن هناك الكثير من بؤر التوتر ما زالت قائمة في السودان، وما زالت هناك صراعات، منها على سبيل المثال في إقليم دارفور والمناطق الشرقية، مضيفة: الوضع لم يستقر بعد، هناك غياب للاستقرار السياسي والاقتصادي في السودان“.
ووفق القناة، فإن أكثر من 6 آلاف سوداني يعيشون في إسرائيل حاليا، أكثرهم من إقليم دارفور، والذي يوجد إجماع، بما في ذلك داخل إسرائيل أنه مازال خطرا، لكن هؤلاء يتذكرون جيدا عام 2011، حين أعلن جنوب السودان استقلاله وبدأت سلطة الهجرة والسكان هناك عمليات طرد وتهجير جماعي، سريعا ما تطورت الأمور إلى حرب أهلية، ولقي العديد من طالبي اللجوء إلى إسرائيل مصرعهم لدى عودتهم، أو أنهم عادوا أدراجهم مرة أخرى إليها.
طلبات معلقة
وتحدث أحد طالبي اللجوء من السودان ويدعى حسن حميد الحاج للقناة العبرية، وذكر أن لديه أصدقاء كثرا عادوا إلى جنوب السودان وغادروا بعد أقل من شهر واحد، مضيفا: ”لقد فروا إلى أوغندا وكينيا، وبعضهم اليوم في مصر، هذا أفضل بالنسبة لهم من العيش في مناطق الحروب“.
وتؤكد القناة أن جميع السودانيين في إسرائيل تقريبا تقدموا بطلبات لجوء إلى السلطات، مشيرة إلى أن أعدادَ مَن تقدموا بهذا الطلب تبلغ 5119 سودانيا، لافتة إلى أن جميع هذه الطلبات لم تخضع للتدقيق حتى اليوم، ناقلة عن سيغال روزين، مديرة قسم السياسات العامة لإدارة شؤون اللاجئين والمهاجرين، أن السبب يكمن في أن متخذي القرار في إسرائيل يعتقدون أن بمقدورهم فحص 5119 طلبا في أسبوع واحد، ومن هنا جاء التأجيل مرة تلو الأخرى، وقالت: ”في النهاية هناك غياب للمسؤولية، حين يتحدث متخذو القرارات عن احتمال طرد طالبي اللجوء“.
مصادر بوزارة الداخلية الإسرائيلية أشادت باتفاق السلام الذي تم الإعلان عنه أمس الأول، برعاية أمريكية، ولكنها ذكرت أن ملف طالبي اللجوء من السودان لن يحسم بسهولة، وأن طريق الطرد طويل وربما يستغرق سنوات قبل أن يحسم، وفي جميع الأحوال لن يقل الأمر عن عامين قبل صدور قرار من هذا النوع، مضيفة: ”إنه طالما يوجد طلب لجوء معلق، لا يمكن طرد مقدمه“.
وأشارت مصادر قانونية للقناة، إلى أنه لا توجد علاقة بين اتفاق دبلوماسي وبين قرار إحدى الدول بشأن طرد طالب لجوء وإعادته إلى موطنه الأصلي، وهناك مثال إريتريا، التي جاء منها الكثير من طالبي اللجوء إلى إسرائيل، ورغم وجود علاقات بين البلدين لم تطرد إسرائيل حتى اليوم مواطنا واحدا من إريتريا ولم تفصل في طلبه.
ويعيش في إسرائيل نحو 38 ألف متسلل أفريقي، يتركز معظمهم جنوبي تل أبيب، فيما يعيش الباقون في إيلات ومدن متفرقة، وينحدر غالبيتهم من جنوب السودان وإريتريا، جاء تسللهم بين سنوات 2007 – 2012، قبل إقامة الجدار الأمني مع الحدود المصرية، والذي منع ظاهرة التسلل بشكل شبه كامل.
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في نيسان/ أبريل 2018، التوصل لاتفاق مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، بشأن استيعاب دول غربية قرابة نصف عدد اللاجئين الذين تسللوا لإسرائيل في تلك الفترة، على أن يتم توزيع النصف الآخر على مناطق متفرقة في إسرائيل، لكن الاتفاق لم ينفذ.
إرم نيوز