العلاقة الصفرية بين قائمة الإرهاب وتحويلات المغتربين السودانيين

يكرر خطاب الحكومة بلا كلل أو ملل أن من أهم فوائد إزالة السودان من قائمة الإرهاب الأمريكية أن المغتربين السودانيين سيتمكنون من ارسال تحويلاتهم من العملات الصعبة عبر النظام المصرفي الرسمي ، وهذا من شأنه أن يحل مشكلة ندرة النقد الأجنبي بما سيضمن توفير موارد كافية لاستيراد للسلع الأساسية التي نحتاجها سواء كانت قمح أو بترول أو أدوية.

لا شك ابدا أن شطب السودان من قائمة الإرهاب يعد تطوراً إيجابياً بالغ الأهمية ، لكن حجة التحويلات خاطئة وساذجة فوق العادة لعدة أسباب:
السبب الأول هو أن المغتربين السودانيين لم يواجهوا أي مشاكل تذكر في تحويل عملاتهم الصعبة إلى السودان. لطالما كان من السهل جدًا على أي شخص إرسال أي مبلغ من المال إلى السودان لأسباب اسرية أو لشراء شيء ما أو الاستثمار أو أي غرض آخر. ودائما كانت هناك قنوات فعالة وموثوقة للغاية لتحويل الأموال من خلال قنوات عائلية أو مع الأصدقاء أو عبر تجار العملة غير الرسميين الأكفاء والجديرين بالثقة والموجودين في كل بقعة بها سودانيين. ولم يكن للعقوبات الأمريكية أي تأثير على قدرة السودانيين على إرسال الأموال إلى وطنهم.

السبب الثاني والاهم هو تجنب المغتربين إرسال المال من خلال النظام المصرفي سبب بديهي للغاية بما يمكن أي طفل من رؤيته. السبب البسيط هو أن القنوات غير الرسمية تسمح للمرسل بالحصول علي سعر صرف السوق الاسود الذي كان دائمًا أعلى بكثير من السعر الرسمي الذي تقدمه البنوك. في ظل الفرق الشاسع بين سعري الصرف الأسود والرسمي لا يمكن ان نتوقع ان يرسل أي شخص عملة صعبة من خلال البنوك التي تتعامل بسعر رسمي اقل من سعر السوق الأسود. ولا شك ان كل وزراء الحكومة وأعضاء المجلس السيادي يحولون دولاراتهم في السوق الأسود وليس عبر البنوك أو أي قنوات رسمية اخري سواء ان حصلوا عليها كنثريات سفر أو من مصادر اخري.

السبب الآخر هو أن البنوك السودانية غير موثوقة ، ولو ارسل احدهم تحويلات عبرها قد يفشل في الحصول على المقابل بسهولة و في الوقت المناسب, علي عكس ما تقدمه القنوات غير الرسمية من تحويل سريع وفعال وموثوق ولا يخضع لتعقيدات الحكومة التي من تاريخها انها حرمت الشعب من الوصول حتى لأمواله بالعملة المحلية فيما عرف بأزمة السيولة.

بلا شك ان إزالة السودان من قائمة الإرهاب الأمريكية تطور هام وسيفتح افاقا مفيدة للاقتصاد السوداني ولكن تحويل المغتربين لأموالهم عبر قنوات سعر اقل من سعر السوق الأسود ليس من ضمن منافع الازالة التي يمكن تحقيقها في المدي المتوسط والبعيد – وليس غدا ولا بعد غدا -في أحسن تقدير اذا تم تطبيق سياسات حكيمة ومدروسة.

د. معتصم أقرع

Exit mobile version