زهير السراج

حكامنا وحكامهم !

* وصلتني الرسالة الشخصية التالية (على بريدي الإلكتروني) من حاكم مقاطعة (ولاية) أونتاريو/ بكندا ورئيس حزب المحافظين (دوغ فورد) صباح أمس، وهي بمثابة تهنئة شخصية بمناسبة (عيد الشكر) الذي تحتفل به كندا هذه الايام، مع مناشدة بالبقاء في المنزل واتباع قواعد الصحة العامة، واستخدام الهاتف أو تقنية الفيديو (وسائل التواصل الاجتماعي) لتهنئة الأهل والاصدقاء مع انتشار وباء الكورونا، ولقد اُرسلت بالتأكيد الى كل سكان الولاية الذين يبلغ عددهم حوالى 15 مليون.
زهير،
* (أعرف أن عام 2020 كان عاماً صعباً بشكل لا يُصدق بالنسبة لنا جميعاً.
في عيد الشكر هذا، لدينا فرصة للتفكير في ما يهم أكثر ونحن جميعا نعيش هذه الأوقات غير المسبوقة في مقاطعتنا.
لم أكن لأحظى بفرصة قيادة أونتاريو بدون دعمكم الثابت، لهذا ــ أنا ممتن حقاً.
وفي هذا العام، ندين جميعاً بامتنان خاص لأبطالنا في الخطوط الأمامية، الذين يضعون أنفسهم في طريق الأذى كل يوم للحفاظ على سلامتنا.
زهير، أعرف أن هذا وقت مرهق بشكل خاص، حيث أننا عادة ما نجتمع مع الأصدقاء والأحباء لتقديم الشكر.
في حين أنه من المهم أن يستمر الجميع في البقاء في المنزل واتباع بروتوكولات الصحة العامة ، فإنني أشجعك على البقاء على اتصال والاحتفال مع العائلة والأصدقاء عن طريق الهاتف أو الدردشة المرئية. لنبقى نعتني ببعضنا البعض.. من عائلتي إلى عائلتك، متمنياً لك عيد شكر سعيد آمن وصحي جدا) !
دوغ فورد
www.OntarioPC.ca
(انتهت الرسالة)
* لاحظ لغة الخطاب الشخصية والرقيقة والتهنئة الاسرية والاهتمام من حاكم المقاطعة بكل السكان وإرسال التهاني بشكل شخصي لهم، وليس عن طريق أجهزة الاعلام فقط، بالإضافة الى المجهود المبذول لمعرفة عناوينهم لتهنئتهم وتذكيرهم باتباع القواعد الصحية، وعدم ذكر الحاكم لصفته الرسمية، وإنما التوقيع باسمه فقط في نهاية الرسالة وعنوان الموقع الإلكتروني، حتى تحمل التهنئة والرسالة الطابع الشخصي الذى يقرب بين المسؤول والمواطن، وهو أمر يحدث في كل مقاطعات وأقاليم كندا وليس مقصورا على إقليم أو مقاطعة واحدة!
* كما يشارك حكام الولايات ورئيس الوزراء في العادة (قبل وباء الكورونا) السكان من كل الاديان والجاليات في احتفالاتهم الدينية ومناسباتهم الاجتماعية، بالإضافة الى الاحتفالات الوطنية، بشكل متواضع جداً ليس فيه أي مظهر بذخي او انفاق أو بروتوكولات أو مواكب رسمية تشارك فيها مئات السيارات الفاخرة، او عربات الحراسة التي تحمل الجنود المدججين بالسلاح الذين يتعاملون مع الجماهير بكل تعالٍ وقسوة وصفاقة، وكأنهم في ساحة معركة.
* في كثير من الاحيان، بل في معظم الأحيان عندما يشارك رئيس أو حاكم أو أي مسؤول كبير في احتفال أو مناسبة عامة في الدول الغربية التي نحمل في رؤوسنا صورة نمطية خاطئة عنها، لا تكاد تحس بوجوده، ولا ترى السيارات الفاخرة او مئات الجنود المدججين بالسلاح ولا تسمع صفافير الإنذار، ولا تشعر بوجود مضايقات أمنية من أي نوع، ولا يتم غلق الشوارع وتعطيل مصالح الناس بمناسبة تشريف سيادته، ولا ترى أي مظهر من المظاهر العجيبة والغريبة التي اعتدنا عليها في بلادنا، وانما تحدث المشاركة في بساطة لا يصدقها من يراها لأول مرة !
* الكثير من المواطنين لا يعرف اسم رئيس الوزراء او الحاكم، دعك من اسماء رؤساء الأحزاب والسياسيين أو الاحزاب نفسها، بينما تجهل الأغلبية اسم رأس الدولة الذى يعتبر رمزا لها .. أنا (مثلا) لا اعرف من هو رأس الدولة الآن، ومتى تم اختياره بواسطة مجلس الشيوخ ومتى ستنتهى فترته، وكثيرا ما يفاجأ الإنسان بتغيير رأس الدولة او رئيس الحزب أو كبار المسؤولين قبل عدة شهور بدون أن ينتبه لذلك، وليس بالصخب والفوضى التي تحدث في بلادنا، إذا لم تصاحبهما الصراعات والخلافات والمبارزات في اجهزة الاعلام والمنتديات والتي قد تصل الى مرحلة الشتائم والضرب وحمل السلاح !
* لا أدري ماذا يضير حكامنا وسياسيونا أن يتميزوا بالتواضع والبساطة التي يتميز بها حكام وسياسيو الغرب، ويتعلموا منهم كيف يعاملون شعوبهم بكل صدق واحترام ومحبة، أم كُتب علينا أن يظلوا أسياداً لنا، ونظل عبيداً لهم أمد الدهر .. شكراً دوغ فورد !
الجريدة
زهير السراج