من صدام الى البشير .. الحاكم المستبد يعبد الطريق لسياسيين وضيعين

– باسم المحافظة على وحدة العراق وتحت غطاء محاربة الطائفية وعلى اصوات طبول القومية العربية وتحت لواء حراسة البوابة الشرقية للعروبة ارتكب صدام حسين جرايم كبيرة بحق شعبه وامته العربية والاسلامية، واصبح الالاف ان لم يكن ملايين العراقيين ضحايا سياساته وتشريعاته وممارسات ازلام نظامه.

– ولكن قادة المعارضة السياسية العراقية باعوا معاناة شعبهم واستنصروا على خصمهم الوطني بعدوهم المشترك فدخل احمد الجلبي وموفق الربيعي وغيرهم من قادة المعارضة مع جيوش الغزاة الذين دخلوا وزارة النفط العراقية قبل ان يدخلوا وزارة الدفاع العراقية مظن الأسلحة الكيماوية المزعومة التي برروا بها الحرب ومرروا بها القرارات في مضابط الامم المتحدة والمؤسسات الدولية الموسسة بالاساس لمنح الاستعمار الصفة القانونية بما يرفع الحرج عن العملاء الذين خلفهم الاستعمار على حكم المستعمرات السابقة ويلبسهم رداء الوطنية.

– وقضى تحالف رامسفيلد النفطي وطره من العراق بعد استباحته لعقد كامل من الزمان تمت فيه تصفية العلماء العراقيين في كافة المجالات وشرد البقية منهم فلا تزال مقاهي لندن وباريس وبرلين تعج باللواءات السابقين في الجيش الوطني العراقي وبعض كبار القضاة واساتذة الجامعات العراقيين يديرون البقالات ومكاتب الترجمة او يعملون مقاولين لخدمات الرعاية الاجتماعية في دول الغزو الغربي للعراق.

– كفاءات في الخدمة العسكرية والمدنية العراقية اغلقت الدول العربية بوجههم ابوابها فذهبت سنوات الاستثمار القومي العراقي فيهم هباء. لان الدول العربية والاسلامية تفصل مشاريعها الوطنية داخل صندوق الحدود التي رسمها قلم المستعمر السابق والراعي الحالي.

– انتهى قادة العراق السياسيين الى سجناء في سجن كبير لا يختلف عن ابي غريب الا ان كلابه ليست كلابا مادية يسمى المنطقة الخضراء في بغداد التي كانت شوارعها تحمل اسماء فلسطين واحياءها اسم معروف الرصافي فاصبح سقف تطلعات الحكام والقادة السياسيين الا تستهدف سياراتهم في تفجير بدائي لا يميز بين القصاص والانتقام.


– عشرات القنوات الفضائية ومحطات التلفزة العراقية تتخذ من غرب لندن مركزا لها لكل مذهب من مذاهب الشيعة قناة ولكل فرع من فروع حزب البعث الاثني عشر. واذا خرجت من مركز التسوق الاكبر في لندن في اوكسفورد ستريت عند الركن الشمالي الغربي لحديقة الهايد بارك واتجهت شمالا فانك تسير في طريق ايدجوار رود المعمور بالمطاعم والبقالات العراقية السنية حتى تنتهي على مسافة اقل من ميل بقليل عند الطريق العام المتجه الى اوكسفورد ( ويستيرن افنيو A40) وتعبر تحت الجسر الذي يحمله باتجاه الشمال ومن هنا تبدا رحلة الاموال العراقية الشيعية بقالات ومطاعم وشقق مفروشة ومراكز اسلامية وحسينيات على مدى البصر على امتداد ميلين تقريبا.

– باسم الوطنية يستبد الحاكم على شعبه ويطغى حتى تحدثه نفسه بانه رب الشعب الاعلى ويختنق الشعب تحته وبطانته توزع له انين المستضعفين وصرخات الثكالى سيمفونية ينام على انغامها. ولكن المدهش ان قادة المعارضة السياسية للزعيم الوطني يبتذلوا نضال شعوبهم ويبيعونه في برندات السوق العربي للنخاسة السياسية فيكذب بعضهم في وثائق شهاداته امام كونجرس او مجلس عموم او لجنة امم متحدة او حتى محكمة دولية ويقدمون الافادات الكاذبة من شاكلة التقارير التي بررت بها الادارة الامريكية ضرب مصنع الشفاء في الخرطوم في العام ١٩٩٧ او التي استندت عليها في تشديد الحصار والعقوبات الاقتصادية على السودان.

– فالحاكم الوطني في الغالب يستبد بسبب تزيين بطانته بعض انجازاته المادية ولو انه فتح مداركه اكثر من ارخاء سمعه لمثل هذه البطانة لادرك بان منجزاته المادية ليست من كسبه وانما هي من كسب شعبه الذي يستقبله بالسماحة ويمنحه الثقة فينطلق لينجز. على سبيل المثال فالبشير لم يكن مهندسا للبترول وللمفارقة فان معظم الذين كانوا خلف المفاوضات الشاقة لاسترجاع حقوق التنقيب التي رهنتها الحكومات السابقة لشيفرون خرجوا من الانقاذ مع او قبل المفاصلة ولم ينتظروا لياكلوا ( خريف خريفين في بترول /هم) بل اعرف مهندسا ترك وظيفته في شركة نفطية خليجية وعاد للسودان بما يعادل ثلث راتبه هناك ورغم ذلك كان يقول في تواضع يشبهه بانه اشترى القرب من والديه الكبار بثلثي المرتب الدولاري ، لم يكن يدعي او يزعم انه ترك وظيفته استجابة لنداء الوطن او تعليمات التنظيم ؛ ولولا انه اسلامي مطفف لاعترف بانه اشترى بثلثي راتبه اكثر من القرب من والديه !! اشترى تجارة رابحة .

– فكما ان الحاكم المستبد لا سقف لتطلعاته الصغيرة ولا حدود لنرجسية ذاته، فان المعارض السياسي لا قاع لانزلاقه ووضاعته. وتخطيء الشعوب اذ تستبدل حاكما مستبدا بقادة سياسيين وضيعين واذلاء لانهم لن يرتفعوا بالوطن بل سياخذونه الى القاع الذي يستمتعون بالعيش فيه مع الهوام وبغاث الطير ودابة الارض. واسوا من استبداد الحاكم الوطني ان يتحول رصيد معاناة الشعب الى سلم حلزوني يصعد به بعض المعاقين فكريا كرسي السلطة الذي يحسبونه سبيلا للمجد. وافدح من الظلم ان تتحول المظلومية الوطنية الى مادة يبرر بها السياسي عمالته للعدو غير الوطني.

– الحاكم الوطني المستبد يعبد الطريق لسياسي وضيع يستغل غضب الشعب للتنكيل بالحاكم المستبد ليس حبا في الشعب ولا طلبا للحكم الرشيد وانما انتقاما شخصيا. والشعب يريد ان يحاكم حاكمه المستبد على استبداده ويحاسبه على فساده ولكن ليس بذات ادواته ووسائله وسياساته وتشريعاته وتكتيكاته السياسية لانه اذا فعل ذلك يكون الحاكم المستبد قد انتصر وثورة الشعب قد هزمت شر هزيمة.

– اذا جمعنا ظلم عبود واستبداد النميري وديكتاتورية البشير كلها لما عدلت الزعم المريض الذي يتم تسويقه الان باننا ثرنا على هولاء الحكام الوطنيين حتى نلحق بركب المهزومين المهرولين للتطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب. او ان قايمة الارهاب الامريكية تستحق ان نحيل لاجلها الوطن الى شارع هرم وسوق لتجارة ارادة الشعب وعزيمته وتطلعاته نحو الحياة الحرة الكريمة . فالذي يتطلع نحو المجد لا يزحف على بطنه من الابواب الخفيضة، هذا ليس فعل الشعوب الحرة وانما فعل العبيد الذين باعوا حرياتهم مقابل الشهوات والنزوات وحفنة من الدولارات والمناصب واموال الاعانة الاجتماعية في مساكن البلديات.

صديق م عثمان

Exit mobile version