ابكِ يا أُم الشهيد !

* انتشرت على الوسائط مئات الصور والفيديوهات للوفود التي سافرت لحضور احتفالات توقيع اتفاق جوبا، بعضها في الطائرات التي اقلتهم وبعضها في جوبا، أتاحت لنا رؤية المسخرة والسفه والاستهتار وإهدار المال العام على سفر مجموعات ليس لها علاقة بالاتفاق ولم يكن لها دور في الثورة، بل كان لبعضهم أدوار معادية ضد ثورة ديسمبر المجيدة وتمجيد قادة النظام البائد والتسرية والترفيه عنهم في دورهم ومنازلهم!
* رأيناهم يغنون ويرقصون الآن في الطائرات وتأخذ النشوة بعض المسؤولين فيقفون على أرضية الممر، يهتزون ويهزون ويبشرون ويصفقون بدون ادنى احترام لمشاعر الشعب الذى يقف بكهوله ونسائه وشبابه واطفاله في الصفوف الطويلة للحصول على قطعة خبز ويرجع خالي الوفاض ويبيت جائعا ليعيد الكَرَّة في اليوم الذى يليه لعله يجد ما يطفئ نار جوعه وآلامه وأحزانه بينما الحكومة ومدعويها يرقصون على الطائرات وميادين جوبا التي تحملت وزر مسخرتهم واستهتارهم بالسودان وشعبه الطيب المسكين الذى خُزل في مَن ظن انهم سيقودون السفينة الى بر الامان، فقادوها الى الوحل وغرسوها في الطين!
* مناظر لا يتحملها حتى الأعداء دعك من القابضين على الجمر الذين قدموا فلذات أكبادهم فداء للثورة والوطن، وكثير منهم مجهول المصير حتى اليوم أو قابعا مجهول الهوية في غرف حفظ الموتى بالمستشفيات منذ ذلك اليوم الاسود الذى هجم فيه الفك المفترس على الشباب المعتصم في ساحة القيادة العامة للجيش وغرس انيابه القذرة في الاجسام الطاهرة وولغ في الدماء يعب منها ويعربد ويسكر ويرقص رقصة الحرب والخزي والعار، ثم يهرب بجريمته ويظل هاربا حتى اليوم بل وراقصا مع الراقصين في احتفالات السلام المزعوم، بينما يموت أولياء الدم كمدا من الحزن والألم بدون أن يفكر أحد في مواساتهم بكلمة طيبة دعك من دعوتهم الى جوبا لتخفيف بعض ما علق في نفوسهم من حزن، وبدلا عن تقديم الدعوة لهم تُقدم الدعوات الى من لا يستحقون ولكنهم يستطيعون بالرقص ولغة الاجسام والشحوم تحويل مناسبة (اللا مناسبة) الى مسرح للمسخرة والعبث والاستهتار بأرواح الشهداء الذين ضحوا من أجل السلام والحرية والعدالة، لتذهب تضحياتهم تحت اقدام الراقصين والعابثين على ممرات الطائرات !
* جاء على موقع الاتحاد الأوروبي .. (بناء على طلب مفوضية السلام السودانية، يتشرف الاتحاد الأوروبي بتسهيل النقل الجوي لممثلي زعماء المجتمع والقبائل والنساء والقادة الشباب وأعضاء قوى الحرية والتغيير من النيل الأزرق وجنوب وغرب كردفان بالإضافة الي ممثلين من الحكومة السودانية، لحضور حفل توقيع اتفاق السلام السوداني الذي يقام في جوبا يوم السبت 3 أكتوبر 2020،) فهل مَن استقلوا الطائرات وظهروا على الفيديوهات المسجلة يرقصون ويغنون ويتحذلقون هم الذين وصفهم الاتحاد الأوروبي بزعماء المجتمع والقبائل والنساء والقادة الشباب واعضاء قوى الحرية والتعيير من النيل الازرق وجنوب وغرب كردفان وممثلي الحكومة السودانية؟!
* وإذا افترضنا ان الاموال التي دفعها الاتحاد الأوروبي أُنفقت فعلا على سفر الذين ذكرهم في منشوره، فعلى حساب مَن سافر الراقصون والهزازون والمتحذلقون، على حساب الدولة المفلسة ام الشعب ام على حسابهم الخاص .. وليت الناطق الرسمي للحكومة الذى شوهد في احد الفيديوهات وهو يغنى ويهز على ممر احدى الطائرات يتجرأ ويتفضل علينا بالرد !
* كتب أحد الشباب تعليقا على الاحباط الذى يشعرون به بسبب ما آلت إليه الثورة واستهتار الذين يجلسون على المقاعد ويتلاعبون بمصير البلاد :
* (كلنا مع السلام مهما كان ثمنه، ولا نرغب في التقرب من السلطان وليس لدينا رغبة في الجلوس على كرسي فوق معاناة أهلنا والحصول على مزايا واستثناءات تميزنا عن بقية المواطنين، ولكننا للأسف محبطون .. وكيف لا نُحبط ونحن نغرق في المياه ونموت من العطش، كيف لا نُحبط وقد صار كل الامل هو الحصول على لقمة العيش او انبوبة الغاز .. كيف لا نُحبط ونحن نقرأ عن مئات الأطنان من الذهب تصدر الى الخارج ولا نرى لها اثرا في المخابز أو المستشفيات أو محطات الوقود أو المصانع والمزارع .. كيف لا نُحبط ونحن نرى الصراع على المقاعد والمناصب، وليت الذين يتصارعون كانت لهم رؤية أو خطة لرفع المعاناة عن الناس وتنمية البلاد ولو بعد حين ولكنهم للأسف لا ينظرون إلا لأنفسهم ومصالحهم)!
* (كيف لا نُحبط وحق الشهيد ما زال ضائعا حتى اليوم في اضابير اللجان والمماطلات، وصار السلام الذى ضحى من اجله مجرد رقصة على طائرة تحمل المزيفين والمزيفات على حساب الغلابة والمحرومين)!!
* نعم كيف لا يُحبط الشباب وكل الشعب يقف فى الصفوف بالساعات ويكابد الجوع والدموع والفقر وانعدام الدواء، بينما يسافر الانتهازيون وأعداء الثورة ليتفسحوا ويغنوا ويرقصوا في جوبا على حساب الدولة والشعب، بدلا عن اسر الشهداء والمفقودين والثوار .. ابكِ يا ام الشهيد، دم الشهيد راح! !
الجريدة
زهير السراج

Exit mobile version