قلنا مية مرة ان النموذج الذي تبنته قوى الثورة هو نموذج فاشل. وأعني بذلك النموذج تفويض قحت لتمثيل الثورة والشارع وافتراض وجود علاقة رقابة من الشارع على قحت. هذا النموذج فشل واتفاق السلام هو رصاصة الرحمة عليه.
الآن قحت مهمشة، والشارع الذي صنع الثورة وفوض قحت أكثر تهميشا. القيادة الآن بيد العسكر وحلفاءهم الجدد.
و أصبح الشارع الذي كان يوما ما كالمارد الذي يحسب الجميع له ألف حساب، أصبح يتابع الأخبار و القرارات المصيرية مثل أي مواطن عادي مغلوب على أمره.
لابد من إعادة اصطفاف من جديد على أسس و مبادئ واعية تعيد للشارع سطوته من جديد، و هذا الاصطفاف يجب أن يتم خارج نموذج قحت الذي مات و قتل معه الشارع و الثورة.
من الواضح أن سلطة العسكر تترسخ و تتمكن مع مرور الوقت و تتمدد في الفراغ الذي أوجدته الثورة و قوى الثورة. بنفس الطريقة التي تم بها تمديد الفترة الانتقالية لتبدأ من الصفر من جديد، سيعمل البرهان و أركان نظامه على اعادة إنتاج انفسهم باستمرار و فرض نفسهم كمستبدين جدد على النمط المعروف للاستبداد في المنطقة.
إما أن نواجه هذا الوضع بإطار جديد يقطع الطريق على هذا الاستبداد، أو علينا أن نعترف بأن الشعب السوداني قد صنع نصف ثورة و حفر قبره بيده.
الاصطفافات و الاستقطابات الحالية تصب في مصلحة انفراد العسكر بالسلطة، و هي ليست في مصلحة أهم و أكبر تيارين فكريين و سياسيين في الساحة، اليمين و اليسار. اذا لم تتم تسوية بين اليمين و اليسار و تجاوز حالة الاستقطاب الحالية فابشروا بالاستبداد الجديد.
حليم عباس