من المُشتكى .؟
من جزيرة الخير أتانا الزميل النشط مُزمل صديق بهذا الخبر عن موكب أهل ود مدني واحتجاجهم على الضائقة المعيشية والغلاء الفاحش (سيرت تنسيقيات لجان المقاومة بولاية الجزيرة ظهر أمس موكبا بعاصمة الولاية مدينة ودمدني ، وحمل المحتجون لافتات تندد بالضائقة المعيشية التي يعاني منها المواطنين بسبب الغلاء الفاحش في أسعار السلع الاستراتيجية وشددت التنسيقيات في الوقت ذاته على ضرورة الالتزام بمبادئ الثورة)
نُذكِّر للفائدة السادة الوزراء في حكومة الثورة الانتقالية ومن غيبتهم عنّا المهاجر لسنواتٍ طويلة ومن اتخذوها وطناً بديلاً لهم ، رُبما أنساهم الزمان (جُغرافية) السودان ومواقع الانتاج فيه بأنّ ود مدني هي عاصمة ولاية الجزيرة ، الولاية التي تقع على مرمى حجر من مجلسي السيادة والوزراء ، وفيها تُوجد أكبر مزرعة مروية أنشأها (الإنجليز) وضيّعها أبناء السودان (غير) البررة ، تبلغ مساحتها إثنين مليون ومائتي ألف فدان ، عاث فيها من سبقوكم فساداً دمُروا بفسادهم بنياتها وتصرّفوا لصالحهم في مُمتلكاتها وضيّعوا منظومتها وبددوا ثرواتها ، وأصابها للأسف ما أصاب ولايات السودان الأخرى من خراب .
خرج أهل ود مدني للاحتجاج على الغلاء الفاحش لأسعار السلع الاستهلاكية (الاستراتيجية) ولمن لا يعلم أنّ مُفردة الاستراتيجية (هُنا) تعني غلاء مُكونات الوجبة اليومية الشعبية البسيطة جداً بلا ترف ، فقط يرغبون في الحصول على الحد الأدنى من الضروريات والاحتياجات التي تُعينهم للبقاء على ظاهر الأرض أحياء وتكفيهم شر الجوع الكافر ، وما كان لمواطن واد مدني أن يخرج للبحث عن رغيفاتٍ ليُسكِت بها جوع أفراد أسرته ولا للشكوى من غلاء وشُح مُكونات وجبة كانت تأت إليه من أطراف المدينة بسهولةٍ ويُسر ، ولكن عندما تختل المعايير وتُصبح السياسة عبارة عن مطية للساسة للوصول بها إلى مصالحهم تضطرب الأحوال وللأسوأ يميل الحال.
خرجت مدني لنفس السبب الذي خرجت به عطبرة والدمازين وغيرها من المدن في زمان الإنقاذ للحصول على أبسط الضروريات والتي كانت سبباً في اشتعال الثورة المجيدة ، ولانعدام الأمل في أن يتغيّر الحال قبل أن يفترسهم الجوع ، ومن يجوع اليوم لا تسألوه غداً عن أفعاله.
لن يُصدقوكم غداً ولن يستمعوا وهُم جوعى لمُبرراتكم الواهية التي حالت بينكم والوصول إلى حلٍ ناجع لمُشكلاتهم وأزماتهم المتمددة ، ومن خرجوا اليوم ستدفعهم حاجتهم الشديدة غداً للخروج وقد تتغيّر أدوات احتجاجهم من الهُتافات والمواكب إلى غيرها من الوسائل والأدوات التي لن تستطيعوا بتسويفكم هذا وسلحفائية حركتكم في مواجهة زحفهم المؤكد إن لم تُسرعوا الخُطى وتبحثوا عن حُلول عاجلة لا علاقة لها بمُخرجات وتوصيات مؤتمركم الاقتصادي.
هل سمعتُم يوماً بأنّ توصيات مؤتمرات من سبقوكم (النظرية) الكثيرة أشبعت لنا جائعا..؟
الجريدة
زاهر بخيت الفكي