سُئل أحد حُكماء بني أمية عن سبب سقوط دولتهم فقال:
أمورٌ صغار سلمناها لكبار ، وأمورٌ كبار سلمناها لصغار ، فضعنا بين إفراطٍ وتفريط ، قرّبنا العدو طمعاً في كسب وده ، وبعّدنا الصديق ضامنين ولاءه ، فنالنا غدر الأول وخسرنا الثاني..
بصراحة وقبل أن يفوت الأوان (إن) كُنا نحمل مثقال ذرةٍ من انتماءٍ أو حب لهذا البلد أن ننتبه جيداً الآن لما يحدُث في بلادنا من عبثٍ وفوضى ، ونبحث عن أي مخرج نتفق عليه ليُخرجنا من هذا المأزق الاقتصادي ، والذي لن نخرُج منه بالتنظير والإنشاء ، ما حقو نغش أنفسنا بأنّا قد نبني وطناً ظللنا نحلم به هكذا ، وليتنا نتواضع قليلاً ونتعلم من الغير كيف استطاعوا بناء أوطانهم وعبروا بها إلى مرافئ الأمان ومراتع الرفاه ، لم يعبروا أو ينتصروا بالمُكابرة والاصرار على إعلاء (الأنا) وإقصاء الغير مهما كانت كفاءاتهم لاختلافهم الشخصي أو الأيدلوجي ولن تقودنا مثل هذه السياسة إلّا إلى الأسوأ ولن نصل بها إلى ما نُريد.
الواقع البئيس يُحدِّث عن نفسه ولا يحتاج منّا لنتحدث عنه.
هل يعلم السيد حمدوك ومن أشاروا عليه بقيام هذا المؤتمر أنّ الإنقاذ التي جلستم اليوم على أنقاضها أقامت في ذات المكان عشرات المؤتمرات تنادى لها الخبراء من كُل مكان في زمانٍ كان فيه للإنقاذ الثورة قبول عند مُعظم أهل السودان..؟ ، ولو استطاعت إنزال (10%) من توصيات ونتائج تلك المؤتمرات لما جلستُم اليوم مكانهم ، ذهبت تلك الملفات المتعوب فيها إلى أدراجِ كبار المسؤولين ولم يطّلع عليها من بيدهم ملفات الاقتصاد ثانية أو يهتدوا بما فيها ، واللت والعجن أغناهم عنها ، وكُل من جاءوا به ذهب به التعالي الزائف وعجب النفس المُقيت إلى أنّ العازة السودانية لم ولن تلد خلافه وحدث يا عزيزي القارئ ما حدث.
لا تُعينوا الاحباط على التسلُّل إلى دواخل شعب واعٍ جداً يُميّز بين الهزل والجد وبين الفهلوة والعمل الجاد للعبور والانتصار ، ولا تفترضوا السذاجة في من جاء بكم إلى هذا المكان وحملكم على مطية الثورة (الغالية) ، فإنّ للصبر حُدود وأزماتهم التي يعيشونها اليوم انحسرت بها مساحات الصبر عندهم ، لم يُهللوا أو يفرحوا بمؤتمركم هذا ولم ينتظروا منه شيئاً يوفر لهم مُتطلباتهم الآنية وقائمة احتياجاتهم الضرورية تزداد مع كُل صباح جديد.
تواضعوا قليلاً وانزلوا للطُرقات لتشاهدوا بأعيُنكم حجم المأساة (قطعاً) وجوه المارة ومن أثقلتهم همومهم تُجيبكم بوضوح عن المُعاناة التي يعيشونها ، والتي لن ترفعها عن كاهلهم وريقات مؤتمركم هذا ، ولن تُزيل الكآبة عن وجوههم كُليمات من اعتلوا منصات المؤتمر ليُحدثونا عن الحل من وجهة نظرهم ، والحل كما قال شباب الثورة الأشاوس في بل من جاءت بهم الصدفة والمُحاصصات والصداقات والإيتاء بمن يُعينونا على النهوض بالوطن.
الجريدة
زاهر بخيت الفكي