حملت صحف اليوم عنوانا عن اجتماع المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير (قحت) لمناقشة موضوع تطبيع السودان للعلاقات مع دولة الكيان الصهيوني. تعليقي على الخبر:
١. لا يملك البرهان ولا حميدتي ولا حمدوك ولا أحزاب قحت أي مشروعية قانونية ولا سياسية لحسم أمر تطبيع العلاقة مع الكيان الصهيوني. وبعد إقرار حكومة حمدوك بذلك بوضوح إبان زيارة وزير الخارجية الأمريكي مؤخرا للخرطوم فإن أي التفاف على مهام الحكم الإنتقالي قبل تسليم الحكم لحكومة منتخبة من الشعب عبر صناديق الإقتراع هو فعل باطل قانونا ومعيب سياسيا.
٢. بيع موقف السودان في سوق العلاقات الدولية علنا وبهذه الطريقة الفجة مقابل حفنة من مليارات قلت أو كثرت فضيحة ومهانة للسودان وتأريخه وسمعة شعبه.
٣. من يظن أن التطبيع مع دولة الكيان الصهيوني سيقلب حال السودان لرخاء ورفاهية لم يقرأ تأريخ المنطقة ولا جغرافيتها. ومن يظن أن الطريق الوحيد للخروج من الأزمة الإقتصادية هو التطبيع فهو واهم. ومن يعتقد أن مصلحة السودان الإستراتيجية في التطبيع فهو يعتقد عكس الحقيقة تماما.
٤. أنا أدعى أن غالبية الشعب السوداني ضد التطبيع. بل غالبية منسوبي القوى السياسية السودانية يمينا ويسارا ضد التطبيع. وأن ( النخب ) التي تروج له نخب عالية الصوت لكنها قليلة ومحدودة. لكن على كل حال ما يكذب ادعائي هذا هو أن يقرر الشعب السوداني في قضية مثل هذه. لكن أن تنفرد نخبة ما (بأجندة تخصها) في أمر كهذا فهو مرفوض حتما.
٥. يعلمنا التأريخ القريب والتجارب المحيطة أن الجهة التي تطبع مع هذا الكيان سيتم تثبيتها في الحكم ومفاصل الدولة المطبعة مدى الحياة! لأن حراسة مصلحة دولة الكيان في استمرار التطبيع تتطلب استمرار النظام الحاكم في الدولة المطبعة. وأن أي محاولة لشعب هذه الدولة للتغيير ستوئد في مهدها.
كما أن التطبيع نفسه ليس مجرد اعتراف بدولة الكيان الصهيوني مقابل حزمة أموال ثم لك الحرية أن تتبع ما تشاء من سياسات داخلية. هو ليس كذلك. التطبيع حزمة متكاملة وطريق مرسوم لا تأتي التسهيلات منه إلا بالدخول الكامل في هذه الحزمة التي لا فكاك منها.
٦. في الحقيقة أي إقبال على خطوة كهذه يعني عمليا أن تحالف المجلس العسكري وأحزاب قحت قد وأد الوضع الإنتقالي تماما. وبدأ مرحلة تكريس التحالف كحكومة دائمة للبلد بتوجهات جديدة تماما وسيفرض هذا التحالف نفسه في الحكم بالقوة وسينضم إلى نادي الأنظمة (وليست الدول) المحمية من دولة الكيان .
٧. موقفي المبدئي: ضد هذه الخطوة تماما. وضد مجرد نقاشها قبل أن تأتي الحكومة المنتخبة. وضد اي تجاوز للتفويض الثوري المتعارف عليه في الأوضاع الإنتقالية التي تفضي لوضع انتخابي بشرعية قانونية وسياسية.
Mohammed Abdulrahim