رئيس القضاء: أرحلي

دخلني شك كبير بأن يكون هذا الرد الذي تلقيناه هو من رئيس قضاء السودان، فهو رد ضعيف صيغ بلغة ركيكة للغاية وتضمن الكثير من الأخطاء اللغوية والنحوية والإملائية وأهم من ذلك (القانونية) فلا نتصور أن يتضمن خطاب صادر من مكتب رئيس القضاء أن تكتب عبارة مثل (البطؤ بطئا شاذا) أو تأنيث الوظيفة بتكرار كلمة (رئيسة) القضاء أو إيراد كلمة (تسألوا) يقصد بها (تساءلوا) فضلاً عن غياب التنوين في كل مواضعه.
بداية لابد أن نشير إلى أن السؤال عن مصير هذه القضية لا يعني جهل السائل بالمراحل التي تمر عبرها إجراءات التقاضي والتي إستغرق سردها التفصيلي معظم الجهد الذي تكبدته (رئيسة) القضاء في ردها فهذه إجراءات يعلمها قطاع كبير من الناس، ولكن السؤال لا يزال قائماً، لماذا تأخر الفصل في القضية لهذه المدة ؟ والشعب يرى ويراقب السرعة التي تفصل فيها المحاكم في القضايا التي تقام ضد الثوار..؟
تبريراً لهذا البطء الذي لازم إجراءات هذه القضية فقد وردت العبارات التالية في رد (رئيسة) القضاء ننقلها بالنص وبأخطائها: (وهنا لايحق لأحد كائنا من كان إن يتدخل لدى محكمة الاستئناف لينبهها بأنها ابطات أو تعجلت في الفصل في حكمها مالم يكن البطؤ بطئا شاذا يستلزم تقديم طلب استعجال ممن تضرر من البطئ)
وهي عبارات توحي بأن (رئيسة) القضاء لا تمتلك صلاحية التوجيه بالإسراع في الفصل في القضايا، وهذا أمر غير صحيح فالتوجيه بالإسراع في الفصل في القضايا إجراء معمول به في السودان وخارج السودان لضمان تحقيق العدالة في زمن معقول إذ أن المبدأ المستقر والمتعارف عليه في كل قضاء العالم هو النظر في القضايا واصدار الاحكام فيها باسرع ما يمكن وتفادي التأخير غير الضروري قدر الامكان إعمالاً للحكمة القانونية المأثورة التي تقول justice delayed.. justice denied (بطء العدالة يعتبر إنكار لها) .وهذا لا يعني بالضرورة مطالبة القضاء بالإسراع في الفصل بالقضايا المنظورة أمامه دون اتباع الإجراءات وتمحيص الأوراق والقرائن والأدلة بما يوصلهم إلى الحقيقة، كما لا يعني مطالبتهم بالانصياع للرأي العام.
وقد إستعجبت من إستطراد (رئيسة) القضاء في توضيح أسباب غياب المحكمة الدستورية حيث جاء في ردها منقول نصاً وبأخطائه كما يلي:
(وهنا يجب أن نشير إلى أن المحكمة الدستورية في هذه الآونة غير موجودة وذلك بسبب ان تكوينها السابق قد انتهى وبالتالي لاتوجد محكمة دستورية مشكلة الان بالسودان ومن جانب آخر فإنه لا يمكن تشكيلها الآن بسبب ان القانون الذي تؤسس بموجبه المحكمة الدستورية وهو قانون مجلس القضاء العالي لم تتم إجازته بعد رغم أنه مطروح لدى منصات المجلسين منذ مايزيد على نصف العام..وبالتالي فإنه وان تم ممارسة حق الأطراف في الطعون لدى دوائر الطعون بالمحكمة العليا وهي دوائر متوفرة وقائمة لدى السلطة القضائية في الوقت الحالي فإن غياب المحكمة الدستورية وانعدامها، لذلك فإن على الأخ الفاتح جبرة وكافة المنتظرين لتنفيذ أحكام الإعدام أن يعلموا انه ليس بيد رئيسة القضاء ولا غيرها الا انتظار نهائية الحكم.. وان حق لهم أن يتساءلوا فلهم أن يستعجلوا تشكيل المحكمة الدستورية التي سيظل غيابها هاجساً من تعطيل تنفيذ الأحكام.. وبالتالي استعجال اجازة قانون مجلس القضاء العالي). إنتهى كلام (رئيسة) القضاء.
ومكمن الإستغراش فيما أوردته (رئيسة) القضاء عاليه أنه ليس صحيحاً أن المحكمة الدستورية مرحلة من مراحل التقاضي كما ذكرت فبحسب المادة 6 من قانون الإجراءات الجنائية (1991) التي حددت أنواع المحاكم في السودان نجد أن المحكمة الدستورية ليست من ضمنها إذ حددت المادة أن المحاكم هي : (المحكمة القومية العليا، ومحكمة الإستئناف، والمحكمة الجنائية العامة، والأولى، والثانية، والثالثة) وبالتالي لاتعتبر المحكمة الدستورية واحدة من مراحل التقاضي كما ذكرت (رئيسة) القضاء!
ونود أن نشير هنا إلى أن الزج بالمحكمة الدستورية كإحدى درجات التقاضي ما هو إلا إيهام للعامة بأن الطريق ما زال طويلاً (وما عليكم إلا الإنتظار) إذ وفقاً لنص المادة 181 لذات القانون فإن تأييد احكام الإعدام أو القطع أو السجن المؤبد إذا صارت نهائية يكون بواسطة (المحكمة القومية العليا) وليس بواسطة المحكمة الدستورية كما ذكرت (رئيسة) القضاء ونزيد على ذلك بأنه حتى سلطة رئيس الجمهورية في تأييد هذا النوع من الاحكام لا وجود لها وذلك وفقاً لنص المادة191-1 (موافقة رئيس الجمهورية على الأحكام) والتي إستثنت جرائم الحدود والقصاص من موافقته عليها .إذ ذكرت المادة صراحة بأنه لاينفذ حكم الإعدام الا بعد موافقة رئيس الجمهورية (فيما عدا جرائم الحدود والقصاص).
ولعل ثالثة الأثافي (لو فضل فيها أثافي) في رد (رئيسة) القضاء هو إستباقها للحكم النهائي بإبداء الرأي في القضية حينما أوردت العبارة التالية ونوردها هنا أيضاً بالنص:
(وهنا رضي الأكثرون من نتيجة ذلك الحكم على اعتبار أن الإعدام والحكم به قد اقتص من المتهمين الذين ارتكبوا جريمتهم فاثبتها القضاء بالبينة ورتب عليها حكمه الذي اذهب المتهمين إلى حيث ذهب المجني عليه حكما قبل التنفيذ).
نخلص إلى أن ما يحدث في القضاء والنيابة من تقاعس مرصود ومعلوم (وما عايز ليهو درس عصر) هو عمل منظم دقيق تنفذه كوادر الكيزان في السلطة ويكفي أنه وبعد ما يزيد عن عام ونصف من (الثورة) فإن حصيلة العدالة (صفر) بعد ثلاثين عاماً من القتل والفساد والدمار الذي يعجز عن فعله الشيطان.
مما سبق نطالب برحيل السيدة (رئيسة) القضاء ونتقدم للأخ النائب العام بإلتماس أن يقدم لنا كشف حسابه وتبريره لهذا التقاعس الذي أصبح واضحاً وجلياً وما بتغالطو فيهو إتنين فما عادت مساحيق التجميل قادرة على إخفاء البثور في وجه العدالة.!
وبدوري أدعو خصوم محكومي الاعدام للاتصال بي لتنظيم وقفتين إحتجاجيتين إحداهما أمام مكتب رئيس الوزراء والثاني أمام قصر مجلس السيادة للمطالبة بإجازة قانون مجلس القضاء العالي، تنفيذاً لتوجيهات الست (رئيسة) القضاء..
كسرة :
نحن نحصد ثمن موافقتنا على شراكة العسكر في السلطة !
كسرات ثابتة :
• السيدة رئيس القضاء : حصل شنووو في قضية الشهيد الأستاذ أحمد الخير؟
• أخبار الخمسة مليون دولار التي قال البشير أنه سلمها لعبدالحي شنوووووو؟
• أخبار القصاص من منفذي مجزرة القيادة شنووووووووووووو؟ااا
أخبار ملف هيثرو شنوووووووووووووووو؟ (لن تتوقف الكسرة حتى نراهم خلف القضبان)
الجريدة

الفاتح جبرا

Exit mobile version