مهزلة قناة الشروق !

* من المؤسف والمحزن أن يتعرض المخرج التلفزيوني القدير صاحب التاريخ الوطني الناصع الاستاذ (الشفيع ابراهيم) للاعتقال والمعاملة القاسية والطرد من الوظيفة بالقوة العسكرية في عهد الثورة وهو أحد أبناء الثورة والمناضلين الشرسين ضد النظام البائد !
* عمل الشفيع مخرجا بتلفزيون السودان أعواما طويلة قبل أن يفصله النظام البائد مع زوجته الراحلة الأستاذة (أمينة عبد الرحيم) نائبة مدير التلفزيون ورئيسة إدارة المرأة والطفل ومقدمة برنامج (جنة الأطفال) سنوات طويلة، ورغم ما وجداه من عنت ومشقة واعتقال الشفيع عدة مرات إلا أنهما لم يتخليا عن العمل الإبداعي وتعاونا مع بعض المنظمات المهتمة بالفنون، كما فتحا بيتهما لتعليم الاطفال فنون المسرح بلا مقابل، وعند افتتاح (مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي) في أم درمان استعانت بهما إدارة المركز للإشراف على العمل الثقافي والفني، أهَّلا الكثير من المواهب الى ان توفت الراحلة أمينة فجأة بأزمة قلبية، ورغم الحزن الشديد الذي اصاب الشفيع الا انه واصل العمل بحماس كبير بالإضافة الى مواصلة النضال الدؤوب ضد النظام البائد، وعندما سقط ووضعت لجنة التمكين يدها على (قناة الشروق) عينته مفوضا إداريا وماليا عليها بسبب مؤهلاته العالية وخبرته الطويلة بالإضافة الى انتمائه للثورة ووطنيته التي لا يختلف عليها اثنان!
* ولقد كان مؤسفا أن يتعرض لمعاملة قاسية والاستغناء عنه رغم تاريخه الناصع والمجهودات الكبيرة التي بذلها لتأمين بعض المال الذي نجح في إدارته واستخدامه بشكل مثالي لإدارة القناة، واستيعاب بعض المبدعين المتطوعين لبث الروح فيها بعد توقفها لفترة طويلة ونجح في ذلك بشكل كبير وكان لديه الكثير من الخطط والبرامج لوضعها في المقدمة، إلا أنه فوجئ بخطاب من لجنة التمكين بإنهاء تفويضه، ولم يكن ذلك لفشل أو إخفاق وإنما لترضية أحد أعضاء لجنة التمكين التي جاءت لإزالة التمكين فمارست أسوا أنواع التمكين، مما يجعل الإنسان يتحسر وهو يرى كل يوم تصرفا ممن تولوا إدارة البلاد تصرفاً يستهدف الثورة ويعادى الثوار الذين صاروا يواجهون التهميش والاقصاء والسجن كما حدث لمجموعة من الشباب والشابات قبل يومين حكم عليهم أحد القضاة بالسجن فترة شهرين كاملين، فقط لانهم مارسوا حقهم في التعبير وهتفوا بعبارة الثورة الشهيرة (تسقط بس) .. هل كان احد يتخيل أن تصبح العبارة التي اشعلت الثورة واسقطت نظام البغي والظلم وهزت العالم، جريمة في زمن الثورة تضع قائلها في السجن!
* جريمة الشفيع أنه اعتذر عن تعيين أحد الأشخاص في القناة جاءه بتوصية من عضو في لجنة التمكين وهما ينتميان لنفس الحزب، وسبب الاعتذار هو الميزانية الضئيلة للقناة خاصة ان صاحب الحظوة الموصى عليه طلب عربة ومكتبا خاصا بمواصفات معينة فاعتذر الشفيع بكل ادب، الامر الذى اغضب عضو لجنة التمكين فتطاول على الشفيع الذى تعامل معه باحترام وتمسك بموقفه، فكان مصيره الفصل بخطاب من اللجنة، كما أُخطر فيه بأن امر تعيين مدير للقناة صار من سلطة وزير الاعلام!
* وبينما كان الشفيع في انتظار قرار الوزير بتعيين مدير واجراء عملية التسليم والتسلم معه حسب القانون والعرف، جاءه خطاب آخر من اللجنة بعد بضعة أيام يفيد بتعيين نفس الشخص الذى اعتذر الشفيع عن تعيينه في مكانه، والذى جاءه برفقة شرطي مسلح وطلب من الشفيع تسليمه القناة فاعتذر لعدم تلقيه ما يفيد بذلك من وزير الاعلام الذى ظل يتعامل مع المحطة منذ استعادتها للدولة كأحد الأجهزة التابعة له وكان يتعامل مع الشفيع على هذا الاساس، إلا أنه تنكر لذلك لاحقا نأياً بنفسه عن الصراع الدائر ذاكرا أن القناة لا تتبع له وانما لوزارة المالية، ولا ادرى كيف يتبع جهاز إعلامي لوزارة المالية إلا إذا كانت الثروة الحيوانية (مثلا) تتبع لوزارة الشباب والرياضة، والله أعلم فربما يكون هذا هو الواقع بالفعل خاصة مع التبريرات الغريبة التي ظلت تدلى بها الوزارة عن اسباب إعادة السلطات السعودية للمواشي السودانية بدون أن يفتح الله عليها بتبرير واحد مقنع!
* عندما اعتذر الشفيع عن تسليم المحطة كان مصيره الاعتقال بواسطة نيابة التمكين واحتجازه بضع ساعات وفتح بلاغ ضده قبل الافراج عنه لاحقا واخطاره بالحضور لمقر النيابة في اليوم التالي، واحتلال مقر القناة بقوة عسكرية وتسليمها لصديق وزميل عضو لجنة التمكين في الحزب !
* هذا هو ايها السادة المصير الذى آلت اليه الثورة … الثوار في المعتقلات والسجون، وربما نراهم غدا معلقين على المشانق بينما يتحكم الفلول والانتهازيون في كل شيء !
الجريدة

سونا

Exit mobile version