حكومة سيئة الطالع

رغم قناعتنا بأن التذرع بسوء الطالع أو سوء الحظ ما هو الا شماعة يعلق عليها كثير من الفاشلين أسباب فشلهم، فتراهم يتحججون بأن سوء الحظ هو ما منعهم من اصابة النجاح، وأن حسن الحظ هو ما كفل لآخرين احراز النجاح وتحقيق الإنجازات، (واكثر من يتحججون بسوء الحظ لتبرير هزائمهم هم مدربو كرة القدم)، إلا أن بعض الحوادث والازمات التي تقع للبعض اشخاصاً عاديين كانوا أو اعتباريين، لا يوجد لها تبرير أو تفسير إلا بكلمة واحدة هي ان ما لازمهم هو سوء حظ متناهي لا يد لهم فيه ووجدوا انفسهم في أتونه الملتهبة (لا ايدهم ولا كراعهم)، ولا محيص لهم الا التعاطي معها (كراعهم فوق رقبتهم)، وتعتبر بكل المقاييس حكومتنا (حكومة الفترة الانتقالية) من هذا النوع الذي يلازمه سوء طالع لا يد له فيه، فغير انها كانت ابتداء مواجهة بتركة ثقيلة تنؤ من حملها الجبال الراسيات من الفساد والتخريب والاجرام، وأزمات مستفحلة في الوقود والنقود والخبز والمواصلات والدواء وسعر صرف العملات الاجنبية وسيدها الدولار، ولن ننسى بالطبع قضية احلال السلام ووقف الحرب وكلفتها العالية، وكل هذه الازمات والمهام الجسام الآخذة برقاب بعضها بعض، مع خواء الخزينة العامة تحتاج لزمن طويل ومجهود ضخم ومال قارون وصبر أيوب لاصلاح الحال، اذا بها تتباغت بجائحة كورونا التي اجتاحتها على حين غرة وشلت يدها تماما وغلت عنها يد الشركاء والاصدقاء فأضافت على حملها الثقيل حملا آخر زاد في اقعادها وزادها ضعفاً على ضعف، ثم لم تكد كورونا تتراجع هونا ما حتى هجمت عليها كارثة السيول والفيضانات التي أهلكت البشر والشجر والحجر والحيوان، هذا غير أمراض الخريف والاوبئة المنقولة بواسطة المياه المتوقع تفشيها علاوة على تردي البيئة الصحية..
ان حال الحكومة هذا وهي تقع لمرات متتالية وفي مدة وجيزة في عدد من الازمات والكوارث، إذ لم تكد تخرج من (كبوة)، إلا لتقع في (كفوة) أخرى، أو كما يقول اخوتنا المصريون (تقوم من حفرة تقع في دحديرة)، فتجد نفسها قد وقعت فريسة ضعيفة تحت أنياب ازمات حادة متلاحقة لم تمنحها حتى فرصة اخذ نفس، لقد بدا لي حال الحكومة وهي تواجه هذا السيل المنهمر من الكوارث المتلاحقة، مثل حال شقي الحال الذي عناه المثل (شقي الحال يلقي العضم في الكرشة أو الكبدة)، وفي رواية أخرى ( قليل البخت يعضي الكلب في المولد )، وهذه درجة من التعس وسوء الحظ يستحق من يبلغها التعاطف معه والوقوف الى جانبه أكثر من أي موقف آخر، ومن منصة اخلاقية ووطنية فان الحكومة تحتاج للتكاتف الوطني والاسناد والدعم الشعبي ولو معنوياً وذلك اضعف الايمان والشامتون يمتنعون، كما على الحكومة ان تشد مئزرها وتسرع فى خطاها وتصارح شعبها بجلية الأوضاع وتقدم على انفاذ الحلول أولا بأول خلافاً لمهلتها وتمهلها المعهود، فحبل المهلة في مثل هذه الاحوال الحرجة (لا يربط ولا يفضل .. )
الجريدة
حيدر المكاشفي

Exit mobile version