تزوير فحص (كورونا) .. شبكات تكسب من (الجائحة)

القبضة الأمنية العالية، التي تشنها الشرطة على المجرمين منذ أسابيع، كانت نتاج لحالة سيولة أمنية انتظمت عاصمة البلاد منذ سقوط نظام “البشير”.
القبضة رغم أنها شرسة لكنها لم تحجم بعض هواة الجريمة الناعمة عن حبك خططهم الذكية ضد المواطنين للاستيلاء على أموالهم بأقصر الطرق الوعرة، عبر منحهم فحصوات (كورونا) مزورة.

الوقت الذي تخطط فيه مجموعة لصيد المواطنين طالبي فحص (كورونا) من أمام معمل إستاك القومي بالخرطوم، كانت الشرطة تخطط لصيد المجموعة نفسها.

يحتشد مئات المواطنين أمام معمل إستاك القومي وسط الخرطوم، منذ انخفاض جائحة كورونا، المواطنون يتقاطرون من كل صوب للحصول على فحوصات كورونا، بغرض السفر، خارج البلاد.

بالمقابل أدرجت خطوط الطيران العالمية فحص الكورونا ضمن شروط الحصول على تذاكر السفر عبرها، وتتشدد جميع الخطوط المدرجة للفحص في إبرازه عند كاونتراتها بمطار الخرطوم، وإن لم يبرز المسافر الفحص المعني ضمن مطلوبات السفر فإنه سيعود أدراجه رغم الأسعار الباهظة لتذاكر السفر.
التجمع اللافت أمام معمل إستاك القومي، أصبح قبله لكثير من الباعة الجائلين والفريشة، وبائعات الشاي، وطالبي الرزق الحلال، ولا يخلو من تجمع آخر للمتشردين ليقتاتوا من فضلات طعام الناس، وبقايا قوارير مياههم الغازية، هذا التجمع يثير انتباه المارة لدرجة تدعوهم لإطلاق الأسئلة لمعرفة من سر التجمهر والتدافع.

كعادة هواة الجريمة ومعتاديها يتصيدون الناس عند الفرص المواتية ويعدلون غير المواتية بنثر بعض التوابل الإجرامية، لذلك كان احتشاد طالبي فحص الكورونا أمام معمل استاك هدفاً ذهبياً لمجموعة تعمل في مجال (الخدعة) مقابل المال، فاغتنمت حاجة الناس خصوصاً المسافرين إلى الخارج لفحص كورونا، وحولت ذلك إلى عمل إجرامي منظم يدر على أفرادها دخلاً مادياً مقدراً.

نشاط المجموعة في مخادعة الناس بتسليمهم فحوصات كورونا مزورة استمر لفترة من الزمن، لكن بالطبع لم يستمر كثيراً بمجرد أن التقط أحد أفراد المباحث معلومة مهمة، عرضها على معمل البحث الجنائي بإدارته وكانت بداية النهاية للمجموعة.

السياحة والآثار
معلومة مهمة التقطتها مباحث شرطة السياحة والآثار بالخرطوم، بأن هناك مجموعة تزور فحوصات الكورونا لمواطنين دون إجراء فحوصات معملية أو مقابلة الشخص المعني، المباحث وضعت الأمر في مهامها العاجلة، ونشرت فريقها أمام المعمل، الفريق انخرط في العمل ميدانياً حتى توصل إلى خيط يتصل بالمجموعة، ثم أمسك بمقدمته وسرعان ما توصل إلى نهايته.

القبض
فريق بحث شرطة الآثار، أجرى تنسيقاً مع مباحث فرعية الخرطوم، بحكم التخصص والاختصاص المكاني، ذات الفريق توصل إلى شخص مهمته الأساسية تكمن في استدراج المواطنين من أمام المعمل إلى مقر لا يبعد كثيراً عن المعمل، وتبدأ عملية التفاوض عن استخراج الفحص في ذات اليوم بدلاً عن 72 ساعة تصاحبها إجراءات العمل التي يصوروها إلى الشخص بأنها بيروقراطية أكثر من اللازم وهنا ربما يسيل لعاب طالب الفحص ويقتنع بالأمر ثم يدفع مبلغ 5 آلاف جنيه راضياً بدلأ عن مجانية معمل إستاك بحجة (أكسب زمنك).

مداهمة
الشرطة أيقنت أنها على وشك إنهاء نشاط المجموعة، لذلك أحكمت عملها بأمر تفتيش من النيابة، ومن ثم اقتحم أفرادها مقراً لوكالة اتضح أنها (وهمية) بالسوق العربي، داخل الوكالة عثر أفراد القوة على أجهزة حواسيب من الوهلة الأولى تشير إلى استخدامها في عمل غير قانوني، يديرها شخصان ألقت القوة القبض عليهما، وأسفرت عمليات التفتيش عن ضبط ماكينة طباعة واسنكر، إلى جانب أوراق وأحبار وفحوصات مزورة.

إقرار قضائي
المباحث لم تكتف بالقبض على المتهمين بل قادتهم إلى قسم شرطة الخرطوم شمال، ودونت ضدهم بلاغات جنائية، ثم أحكمت عملها باقتيادهم إلى مقر محكمة الخرطوم شمال لتسجيل إقرار قضائي، وبالفعل سجلوه، أمام القاضي، وللمزيد من تجويد القضية حتى لا ترتد دون عقاب أرسلت الفحوصات إلى المعامل الجنائية وخاطبت وزارة الصحة بالأمر.

شبكات التزوير
تنشط مجموعات عديدة في التكسب المادي عبر الجريمة الناعمة بخداع المواطنين والاستيلاء على أموالهم بالباطل، بطرق مختلفة وأحاييل كثيرة بعضها محبوك بخبرة إجرامية عالية، وآخر عابر تنتجه الصدفة.

شرطة ولاية الخرطوم تضع أهمية بالغة لتلك المجموعات المعتادة على جرائم التزوير ولها سجلات بأسماء المعتادين، لذلك نجدها تنجح في الإيقاع بكثير من الشبكات بين فترات متقاربة. مؤخراً ضبطت الشرطة مجموعة تنشط في تزوير الشيكات المصرفية وهي تعتبر من أخطر عمليات التزوير الواقعة على المستندات، وللغرابة فإن المجموعة كان يقودها نزيل بأحد السجون.

الشرطة الأمنية كذلك أوقفت عددا من المجموعات الناشطة في عمليات تزوير المستندات الرسمية ورخص القيادة وتراخيص السيارات.

الخرطوم: محمد أزهري
صحيفة السوداني

Exit mobile version