لم يعد أمام الشعب السوداني سوى إنتظار معجزة إلهية تخرجه من حلق الضيق إلى أوسع الطريق، بعد أن أصرَ السيد رئيس الوزراء على الإستمرار في ذات السياسات التي أوصلت البلاد إلى هذا الدرك السحيق من الإنهيار والإبقاء على ذات طاقم الآداء الضعيف الذي يرى أنه قد أحسن صنعا.
فالخبراء السودانيون في المجالات المختلفة أكدوا على أن هذه الحكومة لا تشبه الثورة في شئ، وخاصة الوزراء الذين جيئ بهم من الخارج لن يقدموا شيئا في ظل الوضع الماثل، لأنهم يطبقون سياسات دول متقدمة وليس دولة نامية و(حابية على ركبتيها).
فالتدهور الإقتصادي الذي نراه اليوم، وضع له السواد الأعظم من الخبراء المحليون الروشتة التي تعين على مكافحته بسياسات من الواقع المحلي من خلال تنمية الصناعات الصغيرة وتشجيع الإستثمار في مجالات قد لا تخطر على بال (الفرنجة) من الوزراء الجدد، وقبل ذلك تنظيف الوزارات والمؤسسات من التروس البشرية التي تقف سدا منيعا أمام تقدم أي سياسة من شأنها الخروج بالبلاد من النفق المظلم الذي تعيشه، لأنه متى ما كانت الإدارة الثورية من البيئة المحلية، فبالتأكيد ستكون مُلمَة بكافة التعقيدات التي تواجه العمل، ولديها الحلول الجاهزة لكل مشكلة.
ولعل العديد من الروشتات طرحت بدائل لسياسات حكومة حمدوك نستقطع منها بعض ما أرى أنه متوافق مع الطرح الذي قدمناه في هذه المساحة من قبل، ولا ضير أن نعيد طرحه مرة أخرى للفائدة.
الدولة تستورد السلع الإستراتيجية من قمح ووقود ودواء، وتصدر بالمقابل العديد من السلع التي يمكن أن ترفع من رصيد قطاع الصادر متى ما تمَ تطويرها وتصديرها لتواكب السوق العالمي مثل الحبوب بأنواعها وتحديدا الحبوب الزيتية وتشجيع قطاع الثروة الحيوانية وتحديدا صادر الماشية التي يتم تصديرها (خام) لدول تعي تماما كيف تستفيد من أي جزء منها وتعمل على إعادة تصديره مرة أخرى لأوربا (بدون إسم السودان طبعا) وتربح مقابله مئات الملايين من الدولارات.
يتزامن ذلك مع التوسع في إنتاج السلع الإستراتيجية والوصول بها لمرحلة الإكتفاء الذاتي حتى لا نبحث عن قمح المعونات ونحن نملك كافة أسباب نجاحه بالداخل بدليل المشاريع السعودية في شمال السودان والمخصصة لزراعة القمح.
أيضا لابد من وقف إستيراد جميع الكماليات من السلع التي تعيق تقدم السوق المحلي وتقف عائق أمام تشجيع الإنتاج المحلي والصناعات المحلية، ونعني بذلك وقف إستيراد الفواكه والخضروات والحلويات والأثاث المنزلي والمكتبي على السواء، والألبان والزينة والعاب الأطفال وغيرها من سلع يمكن الإستغناء عنها بسهولة ولو إلى حين.
ومن المهم جدا تشجيع قطاعات حكومية ظلت خاملة في قاموس الدولة وترك أمرها لشركات القطاع الخاص التي أثرت ثراءا فاحشا جففت مقابله خزائن الدولة، مثل استيراد السلع الاساسية من المواد الغذائية (غير المتوفرة في السوق المحلي) والدواء ومشتقات البترول وغيرها من سلع خرجت من سيطرة الدولة في السابق لصالح أفراد بعينهم، وزال هذا السبب وبالتالي لا بد من عودتها مرة أخرى لوضعها الطبيعي ضمن القطاعات الحكومية التي يعتمد عليها الإقتصاد الوطني بشكل أساسي، مع الوضع في الاعتبار ضرورة إعفائها من من الجمارك والضرائب وغيرها من إعفاءات بما يتوافق مع سياسة الدولة التشجيعية لهذه القطاعات، وأن يشمل ذلك قطع الغيار بانواعها لماكينات الإنتاج الزراعي والصناعي وأجهزة القطاع الصحي والمستشفيات وغيرها من مطلوبات القطاعات المختلفة .
محاربة التجنيب بكافة أنواعه ووضع قوانين صارمة لمواجهة مافيا التجنيب والإحتكار، بجانب إستعادة الحكومة لوضعها الطبيعي بعودة إيرادات جميع الشركات والمؤسسات التي تقع خارج سيطرة وزارة المالية إليها مرة أخرى مثل ديوان الضرائب وإيرادات وزارة الضمان الإجتماعي وصندوق الضمان الإجتماعي وديوان الزكاة والجمارك وغيرها من مؤسسات يكفي إيراد ثلاثة منها لحل كافة إشكالات السودان المالية، وقبل ذلك التحلي بالشجاعة وإعلانها بالإسم ليعلم الشعب حجم الإستهبال الذي ظل يمارس عليه لأكثر من ثلاثين عاما.
الجريدة
هنادي الصديق