أسوأ الإجراءات .. تلك المدججة بالسلاح !

منذ أن انطلقت الدعوة لوسائل الإعلام لحضور المؤتمر الصحفي الخاص بإعلان الإجراءات الاقتصادية .. بدا الأمر غير مبشر للكثيرين .. كان جليا طغيان الحضور الأمني على ما عداه .. فقد اشارت الدعوة إلى مشاركة المدير العام لقوات الشرطة ومدير المخابرات العامة ومدير الاستخبارات العسكرية و نائب قائد قوات الدعم السريع ومدير هيئة الجمارك .. المؤتمر الصحفي الذي اعد على عجل .. ولو أن قادة القطاع الاقتصادي قد فكروا مليا في ترتيبه .. لكان قد خرج بطريقة مختلفة .. ونقل رسالة مختلفة .. وربما افضي الى نتائج مختلفة أيضا .. كان يمكن للمؤتمر الصحفي الذي انعقد أمسية الخميس بمنبر وكالة السودان للأنباء .. أن يقتصر على اعلان الإجراءات الاقتصادية فحسب .. بدلا من الإيحاء بأن البلاد بصدد اعلان حرب .. لا اعلان إجراءات اقتصادية .. فأسوأ الإجراءات الحكومية تلك التي تخرج للناس مدججة بالسلاح .. وهذا ما حدث في مؤتمر تفعيل الطوارئ الاقتصادية أمسية الخميس ..!

إذن .. كان الأفضل أن تأتي وزيرة المالية يرافقها محافظ البنك المركزي وكل وزراء القطاع الاقتصادي .. لطرح الرؤية الجديدة للحكومة في المعالجات الاقتصادية .. ثم تطرح اجهزة الدولة النظامية .. او مؤسسات تطبيق القانون خططها لشرح كيفية حماية تلك الإجراءات ..
ولكن يبدو أن ضيق الوقت الذي اتخذ فيه قرار الخروج إلى الرأي العام .. ثم حالة الإحساس بضعف هيبة الدولة .. التي تلبست الحكومة .. فرضت خروج المؤتمر الصحفي بالشكل الذي خرج به … !

ولكن .. إن كان كل ما سبق قد ناقش امر المؤتمر الصحفي شكلا .. فإن تقييمه موضوعا يستحق أيضا النظر والتحليل وبعض التقييم .. فعلى سبيل المثال ما يزال الناس ينتظرون الإجابة على سؤال محوري مطروح على منضدة السيد رئيس الوزراء شخصيا ..فالرجل من المؤمنين والحاملين لشعار الدولة التنموية الديمقراطية .. لذلك يفترض اي مراقب أن هاجس التنمية ينبغي أن يشكل هاجسا أساسيا لدى دولة الرئيس .. و صحيح أن ظروف السودان الراهنة وحالة الكساح الاقتصادي الذي تعيشه البلاد .. يتطلب الكثير من الإجراءات حتى تخرج البلاد من عنق الزجاجة .. وتقف على منصة الانطلاق .. ولكن الصحيح أيضا .. أن الخطط التي تحمل البلاد إلى تلك المنصة ما تزال غائبة .. فأي حديث عن تنمية دون إيلاء الإنتاج بمختلف قطاعاته اولوية قصوى .. يصبح محض اماني او تقديرات غير دقيقة في احسن الأحوال ..!

صحيح أن السيدة وزيرة المالية المكلفة قد نوهت إلى مسألة تمويل مدخلات الإنتاج .. ولكن الصرامة في تحقيق ذلك الحلم قد غابت عن الإجراءات المعلنة بالأمس .. فلا خفضا حقيقيا للإنفاق الحكومي قد أعلن .. ولا مراجعة لسياسات التمويل المصرفي قد أعلنت ..ولا سياسات محددة لدعم الصادر قد أعلنت .. ولا قوائم بحظر الآلاف من السلع التي تهدر موارد البلاد من العملات الصعبة على شحها قد أعلنت .. !

كل الذي طغي على المشهد .. كانت نجوم ترصع اكتاف الجنرالات .. بمختلف رتبهم ومواقعهم .. وهم يتوعدون عدوا افتراضيا بالويل والثبور وعظائم الأمور .. وليتهم يفعلون ..!
محمد لطيف
السوداني

Exit mobile version