ما من شئٍ أبداً يدعو للاندهاش ، والجاهِل منّا في علم الاقتصاد يتوقّع هذه القفزة الهائلة العالية للدولار ، وما من سببٍ أصلاً يدعو الدولار للوقوف في محطاته القديمة لانتظار جنيه مُعتل ضعيف البنية يفتقِر لأدوات الوقاية والحماية التي تسند وقوفه وتجعله مُتماسكاً إلى أن يستقوى وتدُب في أوصاله الحياة والعودة للمنافسة ، ومن أين لنا الأدوات التي نستطيع أن نوقف بها الدولار من التمدُد على حساب الجنيه ، وقد كُنّا وما زلنا سبباً في إضعافه وتراجُع قيمته ، وأصبحنا نتباكى على ماضٍ لم ولن يعود ما دُمنا نضع الأيدي على الخدود بلا عمل وننتظر أن يشفق علينا الدولار (القاسي) ويوقف هجومه الضاري على مرمى جنيهنا المسنود على العارضة من شدة الإعياء.
دعمنا في البدايات ساستنا الجُدد الذين حملوا جوازاتهم الأجنبية وجاءوا لمواساتنا في مُصيبتنا ومعاونتنا بخبراتهم التي اكتسبوها من الخارج في الخروج من تلك الدهاليز المظلمة التي أدخلتنا فيها الإنقاذ أو هكذا اعتقدنا ، فرحنا بهم ، وأشرعنا لهُمُ الأبواب للدخول وشاركناهم الرأي بأنّ ما فعلته الإنقاذ في الإقتصاد كان كارثياً ، وانتظرنا منهم فتح معابرٍ جديدة وممرات تُعيننا على الخروج ، وكانت الفاجعة أنّهم سلكوا نفس الطريق بعد أن سلموا أمرهم وانقادوا لمن شاركوا الإنقاذ حتى يومها الأخير ، استعصى عليهم الخروج بنا وطال علينا ليل الأزمات وفقدنا الأمل في شمسِ إصلاح حقيقي قد تُشرق من جديد بقيادتهم.
تهاوى الجنيه بعد أن قفز الدولار بعنف ، ووقع فأس الغلاء على رأس المواطن البسيط الذي أوجعته كثرة الضربات ، والحلول نفس الحلول التي لم تحل شيئاً من قبل ولن تحل شيئاً اليوم وقد تزداد بها الأمور المُعقدة تعقيدا ، ما بالكم يا قوم وأين هي الخبرات والكفاءات التي حدثتُمونا وفي أي علمٍ كانت ، وها أنتم اليوم تلوذون بالسلطات الأمنية وبقانون الطوارئ لحسم تفلتات الدولار وإيقاف من يتعاملون به ، وكأنّك يا الركابي لم تُبارِح بعد وزارة المالية وكأنّك يا عُمر ما زلت فينا رئيساً تُعالج في أزمات الاقتصاد بهذه الوسائل العقيمة وينقصنا فقط الهُتاف لك مع الهتيفة سير سير يا بشير .
ما يحدّث الأن من انهيار دليل على فشلٍ يجب الاعتراف به والبحث عن أسبابه الحقيقية بعيداً عن شماعة الدولة العميقة وإن كان الأمر كما تقولون فلماذا لم توقفوهم بالقانون وتُعاقبوهم والسلطة والقانون بيدكم ، وحكومتكم تقف الأن على بوابات العام الثاني وما زلتم تُرددون نفس العبارات البئيسة التي لن ينهض بها الاقتصاد ولن يتراجع بها الدولار ، بالطبع لن نسألكم عن العلاجات الناجعة الأخرى من انتاجٍ وصادر وحالكم يُغني عن السؤال ، ومنافستكم حول المقاعد تحول بينكم والمنافسة في أسواق الصادر وتنظيف الطُرق المؤدية إليها من العراقيل.
ومن ثغرنا الحبيب أخبار بواخر الصادر المرفوضة تترى.
الجريدة
زاهر بخيت الفكي