كشف الخبير الإقتصادي دكتور معتصم أقرع عبر مقال عن علاقة الكتلة النقدية خارج النظام المصرفي بالتضخم وقدم فيه مثال مبسط يشرح بصورة علمية تأثير الكتلة النقدية خارج النظام المصرفي على سعر الصرف.
وقال دكتور معتصم بحسب ما نقلت عنه كوش نيوز (الحقيقة هي أن وجود الكتلة النقدية خارج البنوك لا علاقة له بالتضخم. ليس هذا فقط ، في الواقع هذا الوجود الخارجي يقلل من الضغط التضخمي).
وأضاف معتصم (إن وجود معظم الكتلة النقدية خارج البنوك لا يسبب التضخم أو انهيار سعر الصرف ولكنه في الحقيقة نعمة تحد من تلك الكوارث لو تعلمون).
وجاء مقال معتصم تحت عنوان (خرافات حول الكتلة النقدية) ونصه كما يلي:-
(هناك أساطير مضجرة يتم تداولها في الفضاء العام. أحدها أن مشاكل التضخم وفوضى سعر الصرف سببها وجود معظم الكتلة النقدية خارج النظام المصرفي.
لا يزعجني ان يرتكب هذا الخطأ مواطن بسيط يطق في حنك. لكنني أشعر بالقلق عندما يروج لهذا الادعاء الخاطئ الصحفيون والمتعلمون وصناع الرأي العام. لا أحد مطالب بمعرفة دقيقة خارج مجاله ولكن الكل مطالب بإدراك الحد الذي يوجب عليه التوقف عن الافتاء في قضايا لا يعرف دغاميسها وشتان بين الحديث عن قضية في عمومياتها وبين الانزلاق لتفاصيل غميسة وملتبسة فالأشياء قد تبدو ثم لا تكون.
والأسوأ من ذلك ينمو قلقي الكبير عندما ارى الذين حصلوا على أوراق اعتمادهم لممارسة مهنة الاقتصاد في قاعات التعليم أو بـالممارسة يرتكبون هذا الخطأ غير المقبول من طالب جامعي في السنة الثانية.
لكن عندما أرى حتى وزراء المالية يكررون هذه الخرافة ، يزداد يأسي الكبير وأتمنى لو كان عندي بروزاك.
الحقيقة هي أن وجود الكتلة النقدية خارج البنوك لا علاقة له بالتضخم. ليس هذا فقط ، في الواقع هذا الوجود الخارجي يقلل من الضغط التضخمي. لمعرفة السبب ، لاحظ أولاً أن للمواطن الحق القانوني والأخلاقي في الاحتفاظ بأمواله في أي مكان يريده. وإذا لم يثق في الحكومة والنظام المصرفي ، فيحق له الاحتفاظ بأمواله في المنزل أو في مزرعته أو تحت البلاطة. ولا تملك الحكومة حق قانوني أو أخلاقي أو وطني في المزايدة عليه وتصويره كمخرب لقيامه بحفظ ماله حيث شاء.
ثانيًا ، حتى لو قام المواطن بتحويل أمواله إلى البنوك ، فإن هذا لن يقلل الطلب على السلع أو العملات الأجنبية لأن الطلب تحدده عوامل أخرى وليس من ضمنها اين يحتفظ عباد الله بأموالهم في البيت أو في الشارع أو في المسرح.
أخيرًا ، وهو الأهم من كل ذلك ، يجب على كل من درس الاقتصاد في السنة الثانية أن يعرف أن البنوك التجارية لديها القدرة على صنع النقود وزيادة المعروض منها وبالتالي إشعال نيران التضخم.
كيف؟ لنفترض أن السيد جاد الرب لديه مليار جنيه في المنزل قابعة هناك نوما في شوالات. نظرًا لأن المالك لا يستخدم هذه الأموال ، فهي لا تساهم في زيادة الطلب على السلع أو العملات الأجنبية ، وبالتالي فهي لا تساهم في انتاج التضخم.
لنفترض أن السيد أعلاه قرر ان يستجيب للنداء الوطني من وزير ماليته بإيداع ملياره في أحد البنوك. سيتسلم البنك المليار ويقرض جله لشخص اخر يريد شراء شيء ما – وهذا ما تفعله البنوك فهي وسيط بين المدخرين والمنفقين. هكذا سيرتفع الطلب على السلع والعملات الأجنبية مع خروج المليار من نومها في مخزن جاد الرب وانتهائها في يد من يود صرفها. بمعني اخر, خروج المليار من مخزن جاد الرب يرفع من وتيرة دوران النقود وسرعة دوران الكاش أحد أهم محددات التضخم.
وحتى لو كان الافتراض الضمني ان مليار جاد الرب تستخدم في المضاربة على السلع والعملات الأجنبية فإن المعادلة لا تتغير لان ذهاب المليار الِي البنك قد يقود الِي ان يسلفه البنك الِي مضارب اخر اسمه طه. اضف الِي ذلك ان هناك مليارات خارج النظام المصرفي لان أصحابها لا يثقون في البنوك وليس لأنهم مضاربين أو مخربين.
ولو وضع جاد الرب ماله في بنك فان أي موظف أو تاجر شاطر سيستلف المليار ويشتري به دولارات بسعر 250 جنيه وحين يأتي اون السداد يبيع الدولارات بسعر 400 جنيه و يربح مالا طائلا بلا مجهود ولا ذكاء. إذا المشكلة هي تضخم الكتلة النقدية وليس أماكن تواجدها.
باختصار ، إن وجود معظم الكتلة النقدية خارج البنوك لا يسبب التضخم أو انهيار سعر الصرف ولكنه في الحقيقة نعمة تحد من تلك الكوارث لو تعلمون. حد يكلم الحكومة).
الخرطوم (كوش نيوز)