* عندما استقبل (البرهان) وفداً من الفلول برئاسة (التجاني السيسي) وعضوية وزيري اعلام النظام البائد (احمد بلال) و(بشارة ارو)، اعتقدت أنهم جاؤوا لمؤازرة منكوبي السيول والفيضانات وتقديم العون للدولة لمجابهة الكارثة تحت ظل الظروف الاقتصادية والطبيعية القاسية التي تعيشها البلاد، ولكنني دهشت عندما اكتشفت أنهم جاؤوا يبحثون عن موطئ قدم في السلطة ويتهمون الحكومة بالتسبب في الازمات ويحرضون على إسقاطها عبر ما اسموه بـ(اعلان مشروع البرنامج الوطني) كبديل لـ (اعلان قوى الحرية والتغيير) سلموه للبرهان، مستغلين احلامه الاخيرة في التغيير وخطاب التفويض الغريب الذى قال مخاطبا فيه تجمعا لبعض العسكريين والمدنيين (نحن تحت إشارتكم، زي ما استجبنا ليكم في أبريل الماضي الآن تحت إشارتكم، أي إشارة نستجيب ليكم)، فخذله الشعب بالرفض المطلق والتمسك بالدولة المدنية الديمقراطية ولو ضحى بكل ما يملك!
* جاء في الاعلان الهزيل : ” ان ما جمعنا هو نداء وطني واجب تلبيته، فقد اورثنا هذا الشعب عبر نضاله ومعركته الممتدة والمتواصلة في سبيل حياة وعيش كريم، قيما ومكاسب لا يمكن تجاوزها، وقد تبلور ذلك وتعاظم في نيل استقلاله وهباته وثوراته ضد انحراف حكامه عن الثوابت الوطنية في الحرية والعدالة الاجتماعية والتعايش السلمي عبر التنمية المتوازنة المستدامة والحكم الرشيد التي نؤمن بانها حق إنساني كفلته الشرائع السماوية وكريم المعتقدات والمواثيق والمعاهدات الاقليمية والدولية”!
* تخيلوا .. أنصار النظام البائد الذى اذاق الشعب ألوانا من البطش والهوان ودمر حياته وبلاده وقتل ابناءه ونهب أمواله “يؤمنون بأن الحرية والعدالة الاجتماعية والتعايش السلمى حق إنساني يتحقق عبر التنمية المستدامة والحكم الرشيد” .. أي ايمان هذا الذى تزعمون وانتم من شارك في نظام الخراب والدمار والفساد، وبعضكم كان ملتصقا بكرسي الحكم سنوات طويلة بدون أن يتفوه بكلمة واحدة ضد الظلم والهوان الذي وجده الشعب من نظامكم البائد، وكنتم وزراءه وبوقه الإعلامي الذي تجلى فيه النفاق والكذب في أوضح صوره، أم أنكم نسيتم ذلك، وتظنون أننا ننسى مثلكم؟!
* ألا تذكر ايها (السيسي) الخطبة التي مدحت فيها المخلوع بكل ما في قواميس (الحاكمات) من عبارات النفاق والتزلف وانت تصرخ بأعلى صوت وتتقافز فوق المنصة بل تكاد تطير في احتفال التكريم الوهمي الذى زعمت انت وبعض المنافقين انه تكريم من الشعوب الافريقية له، وخاطبته وهو جالس في زهو وخيلاء: “كيف لا تكرمك أفريقيا ولقد تم اختيارك بواسطة النخبة الافريقية والتجمع الأفريقي بطلا للعزة والكرامة، كيف لا تكرمك وانت تتحدى الصعاب التي لم يتمكن غيرك من أن يتحداها، كيف لا تكرمك وانت تعبر اجواء الدول في افريقيا والشرق الأوسط وآسيا رغم ذلك القرار المجحف من المحكمة الجنائية، كيف لا تكرمك ولقد مثلت لها العزة والكرامة في معادة الاستعمار الحديث أينما وجد، إن ما قمت به خلال الاعوام الماضية جعل قادة افريقيا يتمنون لو كانوا في مكانك ويتخذون القرارات الشجاعة التي تقاوم الظلم والطغيان أينما وجد” !!
* ألم يكن ذلك هو رأيك ومدحك وغزلك ونفاقك للرئيس الظالم القاتل اللص الفاسد، أم أنك نسيت أيها السيسي .. ثم تأتى الآن انت ونفس المنافقين ونفس المتزلفين ونفس المُداح لتتحدثوا عن ثورة ديسمبر العظيمة التي ازاحت الظلم، وتفتخرون بالقيم التي زرعها فيكم الشعب، وتتغنون بالحرية والعدالة الاجتماعية والتعايش السلمى والتنمية المتوازنة التي سلبتموها من الشعب طيلة ثلاثين عاما، ومن عجب أنكم تحرضون البرهان في نفس الوقت للانقلاب عليها وعلى الثورة والشعب .. فأي قيمٍ زرعها فيكم الشعب، وعن أي شعبٍ تتحدثون؟!
* لو كنت مكان البرهان الذي وجد نفسه على رأس الدولة بعد سقوط نظامكم البائد بسبب اتفاق هزيل ومعادلة بائسة لم يكن يحلم بها، للقنتكم درسا لن تنسوه وألقيت بإعلانكم الهزيل على وجوهكم وطردتكم أمام أجهزة الاعلام، ولكنه بدلا من حفظ الجميل استقبلكم وبارك مشروعكم الفاشل بعد ان باء مشروعه بالفشل ورفضه الشعب، فهنيئا لكم به، وهنيئا له بكم !
الجريدة
زهير السراج