لماذا تستمر معاناة السودانيين واليمنيين بفعل الفيضانات؟

في غضون شهر واحد، توالت فيضانات مدمرة على بلدين عربيين، يعانيان من حالة متردية، في الخدمات والبنية التحتية، كما يعاني أحدهما من حرب مدمرة، منذ ما يزيد على خمس سنوات.

كارثة في السودان

في السودان بدت صور الكارثة المتداولة، على مدى الأيام الماضية، للفيضانات غير المسبوقة مخيفة بشكل كبير، وسط اعتراف من قبل الحكومة بحجم الكارثة.

مئة قتيل و46 مصابا، وتدمير عشرات الآلاف من المساكن كليا أوجزئيا، في 11 ولاية سودانية، هي بعض من الخسائر التي أسفرت عنها الفيضانات الآخيرة في السودان، وهي خسائر تضمنها بيان صادر،عن مجلس الأمن والدفاع السوداني، فجر السبت 5 أيلول/سبتمبر، وهو البيان الذي أعلن السودان بكامله منطقة كوارث طبيعية، فيما يراه مراقبون سودانيون، اعترافا بالعجز عن معالجة التداعيات الناجمة عن الفيضانات، وأنه يعني ضمنيا طلب الدعم من الأشقاء والجيران والمجتمع الدولي للتعامل مع الموقف.

وكانت وزيرة العمل والتنمية الاجتماعية السودانية، لينا الشيخ قد قالت، إن أكثر من نصف مليون سوداني، تضرروا من الفيضانات التي شملت معظم الولايات، مشيرة إلى أنها تسببت في انهيار كلي أو جزئي، لأكثر من 100 ألف منزل.

لماذا كل هذا الانهيار؟

ورغم الاتهامات، التي ترددت عبر وسائل التواصل الاجتماعي للمجلس السيادي، الذي يتولى حكم السودان حاليا، بالفشل في مواجهة تداعيات السيول، إلا أن مراقبين يرون أن ما يعانيه السودان، من تداعيات للفيضانات هذا العام، هو استمرار لمعاناة سنوية من هذه الفيضانات، وانه ناتج عن ترد في البنية التحتية للبلاد، على مدار حكم سنوات سابقة، في عهد الرئيس السوداني السابق عمر حسن البشير، وما شهده من فساد طال كافة مناحي الحياة في البلاد.

وبجانب كميات الأمطار الاستثنائية هذا العام، التي وضعت السلطات السودانية في موقف العاجز عن مواجهة الأزمة، بالامكانيات الضعيفة المتاحة، يعدد خبراء سودانيون أسبابا أخرى، أهمها البنية التحتية المتردية للسدود والجسور، التي بنيت خلال العهد السابق، والتي شيدت من وجهة نظرهم بطريقة تقليدية وعشوائية، وهو ما تسبب في انهيارها بعد أن غمرتها المياه.

وتمثل المنازل الطينية، التي يبنيها فقراء السودانيين، على مقربة من مخرات السيول، ومجاري الفيضانات، سببا آخر لتفاقم المعاناة في السودان، من وجهة نظر الخبراء، إذ أنها تنهار سريعا، امام مياه الفيضانات المتدفقة، ووفقا لتقرير لوكالة رويترز فإن حوالي 3206 منزلا، دمرت بسبب الفيضان في مدينة كسلا شرقي السودان وحدها، كما لحقت أضرارا بنحو 3048 منزلا في الولاية نفسها.

اليمن كارثة مزدوجة

ربما أضافت الفيضانات التي اجتاحت اليمن، منذ منتصف تموز/يوليو وحتى آب/أغسطس الماضيين، مزيدا من المعاناة لليمنيين، الذين يئنون تحت وطأة تداعيات حرب مدمرة، منذ مايزيد على خمس سنوات.

وكانت السلطات اليمنية، قد أعلنت في آب/أغسطس الماضي، أن تلك الفيضانات، أسفرت عن وفاة 172 شخصا على الأقل في أنحاء البلاد، بينهم أطفال ونساء، في وقت أشار فيه مسؤولون حكوميون، وفق تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية إلى ان الأعداد الفعلية للضحايا، ربما تكون أكبر من المعلن عنه بكثير.

وبجانب ما أسفرت عنه الفيضانات في اليمن، من سقوط ضحايا ومصابين، فإنها أدت أيضا وفقا لتقارير، إلى تدمير العديد من المباني والمنشآت، وألحقت أضرارا بمواقع على لائحة التراث العالمي لليونسكو، بعضها في صنعاء القديمة وشبام وزبيد.

حالة مختلفة

وربما يبدو الموقف في اليمن، مختلفا عنه في السودان، رغم تشارك البلدين، في تردي البنية التحتية بدرجات مختلفة، ففي السودان هناك سلطة واحدة قائمة، يمكن العودة إليها فيما يتعلق بالمسؤولية عما حدث، من انهيار للبنية التحتية، وكذلك فيما يتعلق بجهود الإنقاذ وإعادة البناء، أما اليمن فيعاني من حرب مدمرة، أدت وفق الأمم المتحدة، إلى أسوأ كارثة إنسانية من نوعها، في حين تحكمه أطراف متصارعة، يسيطر كل منها على منطقة نفوذ.

ووفقا لتقارير صحفية يمنية، فإن تداعيات السيول الأخيرة، التي شهدها اليمن، كانت أبرز ماتكون في العاصمة صنعاء، حيث فاضت المياه على الأحياء والمنازل، في حين بدت قنوات تصريف المياه مغلقة، ولم يلق المواطنون اليمنيون أي رد، لدى تواصلهم مع أرقام الطوارئ.

وتشير معظم التقارير إلى أن شوارع صنعاء، كانت في حالة سيئة بالفعل، من حيث البنية التحتية، حتى قبل أن تضربها السيول، حيث تنتشر بها الحفر، في حين وصلت الشوارع الفرعية في المدينة وفقا لتلك التقارير، إلى حالة مخجلة من التردي، ويرد مختصون يمنيون، الحالة التي ظهرت عليها المباني والشوارع بعد الفيضانات الأخيرة، إلى عشوائية التخطيط وفساد التنفيذ، وكذلك ضعف عمليات الصيانة والترميم والمتابعة.

BBC

Exit mobile version