قبل ثلاثين عاما و اثناء تقضيته اجازته السنوية في الخرطوم طرق باب منزل شرف الدين باركويت بعضهم، وقتها كانت الحكومة تبحث عن متخصصين ليتحملوا مسؤولية بلاد خاوية خزائنها.
جاؤا اليه وهو الخبير بالامم المتحدة في هندسة المياه و المستشار الهندسي في شركات القطاع العام والخاص السعودية والاستاذ بالجامعات البريطانية والسعودية لاكثر من عقدين من الزمن ليساعد في تولي وزارة التخطيط العمراني. لم يكن يتعاطى السياسة و لم يكن يصوت في انتخابات الطلاب و لم ينضم حينها الى حزب سياسي و لكنه اشتهر بتدين تقليدي مثله مثل ابناء الجزيرة الخضراء
ترك الغربة و جاء الى الخرطوم و عَطَل شركة اسسها فلم تعمل ، بدأ مسيرته العملية و بعد خمسة اشهر فقط ظهر طريق عبيد ختم.، ثم قامت اكبر خطة اسكانية في تاريخ البلاد لتسكن ثمانمئة الف اسرة سودانية من شتى ارجاء السودان، و عالج السكن العشوائي و ظهرت (الوزير دقس)، لم يكن السودانيين يظنون ان وزيرا قد يعوض سكنا عشوائيا بتمليك اراض في جنوب الخرطوم تلك الخطة التي نال تكريما عليها بجائزتين من قبل الامم المتحدة في سنة اربع و تسعين و خمس وتسعين في وقت كانت الحكومة كلها تعاقب من قبل مجلس الامن حتى قال جون قرنق انه لو اختار وزيرا من الحكومة لاختار شرف الدين ثم ظهرت طرق الدروشاب و الانقاذ و جنوب الصحافات و الكلاكلة و امبدة ثم انتهت حياته العملية العامة بجسر الفتيحاب.
قضى شرف الدين عشر سنوات ثم استقال ليكتب كتبا في تجربته فظهر كتاب (النازحون وفرص السلام) و اكثر من عشر كتب في التخطيط في مناطق النزاعات موجودة في مكتبات جامعة زيورخ و الكونغرس وليبدأ حياة عملية لاكثر من عشرين عاما في القطاع الخاص و التدريس الجامعي في داخل و خارج السودان. رفض العمل مرة اخرى في الامم المتحدة ورفض الترشح لانتخابات الولاة في عام 2010 و رفض تولي وزارة البنى التحتية و رفض عضوية البرلمان. و رفض مغادرة البلاد.
لم يكن شرف الدين زعيما سياسيا ولا قائدا قبليا و لا رئيسا جهويا و لم يكن قياديا في حركة سياسية. لقد كان مهندسا و كان انسانا سودانيا، لم يطمح لسلطة و لاجاه و لم يمتلك الا من كسبه الحلال.
سنظل نفخر بك يا شرف الدين و سيظل جمع من هؤلاء الملايين يذكرونك بخير. والى لقاء قريب باذن الله
وللحديث بقية بعد حين
د. أمين شرف الدين بانقا