** نعم ، العلاقة السودانية الصينية راسخة وقديمة ، حيث احتفلت لجان هنا قبل أسبوع ونيف باليوبيل الذهبي لهذه العلاقة الممتازة .. ونعم ، وقفت الصين مع السودان فى أزمنة الحرب والفقر والحصار ، وأنقذت اقتصادنا الوطني من مخاطر الحصار الاقتصادي ، بل ساهمت بأموالها وعقولها فى استخراج نفطنا ، بحيث أصبح موردا أساسيا من موارد اقتصادنا .. ونعم ، قدمت الصين بقروضها وعقولها وسواعد بنيها للشعب السوداني مشاريع عظيمة فى مجال الطرق والجسور والسدود والصناعات .. كل هذا محل احترام وتقدير ، وكذلك محل وفاء لن ينساه السودان جيلا أثر جيل .. ونعم كل تلك المشاريع الحيوية والاستراتيجية التى نهضت بفضل الله ثم بالقروض الصينية فى بلادنا مردها نجاح الحكومة السودانية فى بناء الثقة وحسن التعامل والتعاون مع الصين ، وليت كل علاقاتنا الخارجية ، اقليميا ودوليا ، كهذا النوع من العلاقات ..وعليه ، إن كانت الصين تستحق تقديرنا على بعض مشاريعنا الاستراتيجية وكذلك الحكومة التي رسخت ثقة الصين تستحق شكرنا ، فإن واجبنا تجاه مستقبل وطننا يلزمنا بأن ننظر الي القرض المقدم للاسكان بسؤال فحواه : هل نحن بحاجة إلي قرض صيني ، أو قرض أجنبي ، لبناء مساكننا ..؟.. ثم السؤال المهم : لماذا تتبع الحكومة نهجا يرغمها على استلام القروض لبناء مساكن لمواطنيها ، فى زمان ترفع فيه شعار التحرير الذي لو مارسته كما يجب لما تحملت مشقة ( القروض ) و ( البناء ) ..؟
** ضع الأطلس أمامك ثم ظلل الدول التي سياساتها الاقتصادية حرة ، كما شعار اقتصادنا ، لن تجد حكومة تبني لمواطنها بيتا – بالقروض – ليمتلكه بالأقساط من الحكومة ..لا ، لن تجد دولة حرة بهذا النهج .. فالدول ذات الاقتصاد الحر هى التى تبنى سياسات اقتصادية راشدة تمكن المواطن من بناء مسكنه بأقل تكلفة وكما يشاء تصميما .. وبناء سياسات اقتصادية راشدة أفضل للحكومة والمواطن من استجلاب قروض ذات فوائد ( فقه الضرورة ) .. فبالله عليكم ، هل من الضرورة أن تقترض الحكومة قرضا للمساكن ، أم من الضرورة أن ترفع ذات الحكومة بعضا من وطأة جماركها ولهيب ضرائبها وشهب جباياتها التى تؤرق كاهل مواد البناء ..؟.. والأجابة هى ( لب الموضوع ) … فالمواطن على مسكنه لبصير ، فقط بحاجة إلي وظيفة ثم إلي مواد بناء فى متناول اليد .. ليس من المنطق أن تكون تكلفة طن الاسمنت ما دون المائة دولار، ولكن لحين وصول هذا الطن الى المواطن يتجاوز سعره أحيانا الـ ( ثلاثمائة دولار ) .. وعلى ذلك قس بقية المواد .. وعليه ، فالقرض الصيني ليس حلا ، فالحل بيد نهجنا الاقتصادي ، ما لم يكن المطلوب من الصين وغيرها قروضا تكفي لبناء ..( بيوت أجيال ) ..!!
إليكم – الصحافة الاحد 15/03/2009 .العدد 5644