نزار العقيلي: (عشة الجبل وعمارة الدهب .. نفهم بس)

لو قعدت مع وزيرة المالية و فطاحلة الاقتصاد داخل الحرية و التغيير عشان تفهم مشكلة ارتفاع الدولار ح يقولو ليك ( منحنى الطلب أثر على منحنى العرض و السعر الحدي جعل المستثمر يسحب الكتلة النقدية مما احدث تضخم مفرط ) و دي إجابات بتخاطب طبقة معينة من الشعب و لغتها ذي لغة اشعار الشاعر عاطف خيري .
في حين انو الموضوع ابسط من ما تتخيلوا والله و شح السيولة و قلة المعروض و الكتلة النقدية و الخ كلها معاني متقاربة جدا ، و عشان نفهم بس ، خلونا نفترض انو في قرية صغيرة و بعيدة من الخرطوم و في ضواحي الولايات و اسمها ( صفرجت ) و خلونا نضرب بيها مثال و نفترض انو قرية صفرجت دي فيها ( ١٠٠) مواطن و كل مواطن فيها عندو مبلغ ( ١٠٠ الف ) ، معناها كده ممكن نقول انو الكتلة النقدية المتوفرة للتدوال في قرية صفرجت تبلغ جملتها ( عشرة مليون ) و خلونا نفترض تاني انو القرية فيها طاحونة بتاعت عمك اسامة داؤود و فيها زريبة فحم بتاعت عمكم (القراي ) و فيها دكان فول بتاع عمكم ( ساطع ) و حلاق بتاع (مدني عباس) و فيها حنانة اسمها بت البوشي و فيها ست ودع اسمها ( مريم ) و فيها جزارة بتاعت عمكم البرهان و فيها بتاع ورنيش اسمو ( سلك) .
يلا ده معناهو انو كل مواطن في قرية صفرجت دي بلقي حاجة من خدمة بقدمها مواطن ذيو ، لانو القراي بشتري الدقيق من طاحونة اسامة و اسامة زوجتو بتتحنن عند بت البوشي و بت البوشي بتشتري اللحمة من البرهان و البرهان بحلق راسو عند مدني عباس و ساطع بورنش جزمتو عند سلك و هكذا الخ .
كده ممكن نقول انو منطقة صفرجت فيها كتلة نقدية بتعادل عشرة مليون و طاقتها السكانية مية شخص و معدل السيولة بعادل مية جنيه للفرد و بي كده ح تكون قرية سفرجت منطقة مستقرة و اهلها مبسوطين و كل مواطن فيها قادر يدفع حق اللحمة و الحطب و الحناء و الفول الخ .
لكن … اذا افترضنا انو الفنانة ( عشة الجبل ) قررت انها تسافر من الخرطوم لمنطقة ( صفرجت ) و تعمل حفلة تجارية هناك و انتشرت اعلانات الحفل الساهر الكبير للفنانة عشة الجبل و انو قيمة التذكرة تبلغ خمسين جنيه و ناس قرية صفرجت كلهم اتخاطفو التذاكر و استمتعوا بالحفلة جدا و عشة الجبل تاني يوم سافرت الخرطوم و في شنطتها نص الكتلة النقدية للقرية .
و بعدها ناس القرية ح يلقو نفسهم فقدوا السيولة البتعاملو بيها و ما عندهم غير خيار الهجرة من القرية او البحث عن جهة تسلفهم قروش لانو عشة الجبل شالت نصف كتلتهم النقدية و سافرت بلدها و لو كانت عشة الجبل من سكان قرية سفرجت و استثمرت ارباحها فيها ما كان القرية فقدت نص الكتلة النقدية بتاعتها .
و ده يا جماعة مفهوم مبسط لحكاية انكماش الكتلة النقدية و فقدان السيولة و الخ من فلسفات و امور فارغة ، و كل الحكاية انو احنا في السودان عندنا مليون (عشة) بتتمثل في شركات اجنبية كتيرة جدا ذي شركات زين للاتصالات و ام تي ان و عندنا رأسمالية اجانب من سوريا و مصر و الخليج الخ و ديل كلهم عندهم شركات كبيرة جدا” بتشفط مننا الكتلة النقدية في البلد و تمرق الدولار بره البلد .
عندنا في السودان كمية هائلة من الوافدين الحبش سيطرت على سوق العقار و رفعت اسعار الايجارات و كمية اكبر من السوريين دخلت سوق الله اكبر و اثرت على السيولة و عندنا وافدين بالملايين من دول افريقيا كلها بيستفيدو من دعم الدولة للسلع و بيستفيدو من غياب الرقابة المالية الالكترونية و من ضعف القوانيين و ضعف الجهات المسؤلة عن الوجود الاجنبي .
لكن الدولة القحتاوية عايزة تدخل بي (عمارة الدهب )و تطلع بي ( جياد ) عشان تلف راسنا ساكت ، الدولة القحتاوية عايزة تشغلنا بشركات وطنية مهما كانت تبعيتها للجيش و لا الشرطة في النهاية هي شركات وطنية ما شركات بتمرق قروشنا بره البلد .
التحية لعشة الجبل الفنانة الفقيرة و المعدمة و القدرت توظف مواردها و مواهبها و تعمل ثروة و تخلق وظائف ( حراسات ، عمال ساوند ، سواقين ، عازفين ) و تفتح بيوت و تحقق احلام اسرتها البسيطة و تعبر بيهم .
و في النهاية بنقول لحمدوك ما عايزنك ما عايزنك عشة الجبل احسن منك .
نزار العقيلي

Exit mobile version