زيارة بومبيو .. (الرقص مع الذئاب)

في الثالث من ابريل عبر الرجل المهم في جهاز المخابرات السوداني الطريق نحو منزل فخيم يسكنه السفير الأمريكى في،ذاك الحي الخرطومى الراقي .. اللقاء لم يستغرق كثيرا .. كان الرجل يسأل السفير الأمريكى عن رأي أمريكا فيما يحدث ضد مايو من مظاهرات .. جاء الرد باردا ، نحن لانعرف مايو ، نحن نعرف نميري ونميري بالنسبة لأمريكا الآن مثل صفقة الشجر التى تيبست ووقعت .. امريكا لاتعيد الصفق اليابس إلي أمه .. رجل المخابرات فهم أنها (خاتمة المطاف) ولكنه ألح في السؤال :- ولكن من هو البديل؟ رفع السفير الأمريكى فنجان القهوة إلي فمه .. وقال أيا كان فسنبحث معه عن مصالحنا ..لسنا من نصنع البديل دائما وليس هذا مهما في كل الأحوال فالمهم هو إدارة مصالحنا معه .. وطويت صفحة مايو وماتت وعلي يدها اليمني وشم التصفيق ل: ( كامب ديفيد) وفي يدها اليسري وشم ترحيل الفلاشا ..ولكل أجل كتاب ولكن كيف تعاملت أمريكا مع البديل؟
ــ لم يكن البديل سوى السيد الصادق المهدى رئيس وزراء الديمقراطية الثالثة التى جاءت بعد انتفاضة أبريل .. الرجل وعبر إنتخابات معروفه حقق حزبه الاكثريه في البرلمان وشكل اكثر من،حكومة إئتلافية ومع كل هذا لم تر فيه أمريكا عندما يزورها باللبسة الإفرنجية والطاقية إلا رجلا مترددا لايستطيع حماية وتحقيق مصالحها فحاصرته ولاعزاء للديمقراطية …
.ـ الذين كانوا يقولون إن أمريكا ستعتق رقبة الإنقاذ إن هى إفسحت لإتفاقية نيفاشا تمضي إلي آخرها تفاجأوا في اليوم الثانى للإحتفال بأن أمريكا تضع سجارتها في فمها وتشعلها بعود الثقاب وترمي بقيته في (عويش الفتنة) في دارفور ..تفعل ذلك كما يفعل أي بطل (كاوبوى) أحرق وهو يسدد رصاصته إلي ضحيته ثم لاينتظر ليراها علي أي جنباتها تسقط..
ـ ولهذا فقد ابتسم البشيرساخرا في وجه احد الوزراء عندما سأله :- لماذا لاتطلق تصريحا موجبا في حق العلاقات العربية الاسرائيلية علها تخفف قليلا من الضغط؟ فكان رده رد من حفظ لعبة العصا .والجزرة..( الأمريكان يعلمون أننا فعليا ومنذ العشرية الأولي متوقفون عن آي نشاط فعلي في جبهة الصراع الفلسطينى الاسرائيلي وأن موقفنا هو الموقف الدبلوماسي العربي الذى تتخذه الجامعة العربيه ولذا فإن أي تصريح كالذى تقترحه يضر ولا ينفع)
ـ عندما صعد هؤلاء الحالمون إلي الحكم كانوا يظنون أن امريكا ستضعهم في حجرها وتسقيهم كوب الحليب وتهدهدهم حتى يناموا ويحلموا، لدرجة أن وعدوا الناس بأن امريكا ستحشد اصدقاء السودان ليتكفلوا بثمانية مليار دولار، وأمريكا تضع فمها في كمها وتضحك ..وبدلا عن ذلك فتحت شهيتها لتلزم حكومة هؤلاء البسطاء بدفع مبالغ تعويضات ماكانت تحلم بها ثم جلست فوق ذلك تكتب قائمة طلبات كتلك التى تطلبها أم عروس لئيمة من عريس بنتها (الكحيان) وهى فيه زاهدة !!…
ـ متى يعلم هؤلاء إن كوم التطبيع العربي لايحتاج لعود جديد ،وهو لم يحقق السلام في فلسطين ولافي المنطقة بل قاد إلي تمزيقها أكثر وافقر شعوبها وحكوماتها بشكل غير مسبوق لأنه ببساطة لايقوم علي التوازن المطلوب
ــ عزيزتى الخرطوم أيا كان الذي يقف علي بوابتك ..من يخبرك أن امريكا تتعامل مع ثلاث عواصم .. عاصمة لديها ميزة الموقع الجغرافي الذى يسمح بالمناورة والطلعات السياسية وعاصمة قادرة علي إطعام نفسها ، وعاصمة قادرة علي إرجاع الصفعات واحدة بواحدة وحماية نفسها …ما عدا ذلك فإن أمريكا تتعامل مع البقية كذئب خبيث تجامل من يتحزم ويرقص لها ثم تلتهمه عندما ( يضيق خلقها ) وتشعر أن في بطنها مقدار ( لقمة) …
ـ ولن تعوض الخرطوم ضعف الميزات الثلاثة وتخرج من دائرة الملعوب بهم إلا بتقوية الجبهة الداخلية
ـ التطبيع مع أمريكا وغيرها لايتم بغير رأسمال ، ورأس المال هو وحدة الجبهة الداخلية عبر صيغة حكم متفق عليها ، عندما تطبع الخرطوم بين فرقائها عبر الإتفاق علي مشروع وطنى مجمع علي ملامحه وإطاره العام.. التطبيع هنا في الداخل وليس ذلك الذى ننتظره مع ( عجاجة ) طائرة بومبيو الفخيمة.

▪︎ حسن اسماعيل ▪︎

Exit mobile version