يشبه الفريق البرهان بركان جاليراس في كولومبيا يخمد طويلاً ولكن عندما يثور لا ينطفئ بسهولة، فهو إلى حد كبير شخصية متهورة، لدرجة أنه فاجأ الجميع بلقاء مع نتنياهو في أوغندا، وهى خطوة لم يجرؤ عليها أي زعيم سوداني من قبل تقريباً،
وقبل ذلك وضع قائده البشير في الحبس دون أن يتراجع، لكنه طوال أشهر الشراكة آثر الصمت، وتمرير كل ما تريده حكومة قوى التغيير، حتى القوانين المثيرة للجدل، بل كان يتجاهل عن قصد حملة استهزاء واساءة مصنوعة طالت الجيش، حد أنها وصلت تحريض فتاة لتردد تحت وميض الفلاشات كلمات بذيئة، وجعل رئيس مجلس السيادة من المؤسسة العسكرية هنا أقرب إلى فريسة سهلة، ليغري من يرغب، بالمقابل أغرت تلك الحالة حاضنة حمدوك لحثه على الضغط على المكون العسكري، والايحاء له بأن لجان المقاومة لن ترضى عنه حتى ينتزع شركات الجيش، أو يكشر عن أنيابه في وجه البرهان، فتمادي الرجل في خطابه الأخير بمناسبة مرور عام على تنصيبه، للإشارة إلى ولاية حكومته على تلك الشركات، وتمرير اتهامات مبطنة، فجاءه الرد سريعاً من البرهان ومن ياسر العطا الأقرب إليهم كما ظنوا، بصورة لفتت انتباه عضوء مجلس السيادة محمد الفكي، الذي أشار في مفتتح كلمته إلى غضبة العطا،
ولم يكتف البرهان بتنوير كبار الضباط، الذين يبدو أنهم أدركوا أن تلك الشراكة تقوم على سيقان هزيلة، وسوف تترتب عليها لابد خسائر فادحة، كما هو الحال في تدهور الاحوال المعيشية وتهديد تماسك القوات النظامية وضياع البلد أخيراً، ليطير البرهان إلى قاعدة وادي سيدنا وينفخ حممه الحارقة من هنالك، بشكل ربما تستعصي معه محاولات الرتق، وهنا يبدو أن حاضنة حمدوك وكتائبه الناشطة أيضاً في أزمة على الأرض، ولا يمكلون غير تنشيط حسابات الفيسبوك وتوجيه الشتائم للبرهان والجيش، أو حرق الإطارات والتلويح بالمتاريس، تلك اللعبة اليائسة، عديمة الجدوى، وبالتالي فإن حمدوك أيضاً في ورطة كبيرة، وقد أدرك أنه لا يملك حلولاً للأسر الجائعة المنهكة بالغلاء والتضخم والعدم، أو الذين يحلمون بالسلام، وعلى الأرجح سيخسر في النهاية تلك الشراكة التي طالما تغنى بها .
عزمي عبد الرازق