على أسطوانة الولاية على المال العام
مفاهيم خاطئة ومزايدة سياسية وخطل رأي
شركات الأجهزة الأمنية لا تساوي ١٪ بينما الذهب يغطي ٤٧٪
(١)
في عام ٢٠١٨م، أستغرق مجلس الوزراء برئاسة الفريق بكرى حسن صالح تسع ساعات في نقاش الميزانية ، وانفق خمس ساعات منها عن الولاية على المال العام، وهذا هدف اي وزارة مالية في كل دولة، وهو أمر يتطلب تحرير الفهم من التعاطي التجزئي والنظرة القاصرة والرؤية العليلة.
لقد قال د. حمدوك خلال اللقاء الإذاعي يوم الجمعة ٢٢ أغسطس ٢٠٢٠م ان للمالية ولاية على ١٨٪ من الموارد، وكرر ذات الأمر في خطابه مساء السبت مشيرا لجهده في الإتفاق مع الأجهزة الأمنية لولاية على شركات تلك المؤسسة وكانت تلك بداية لإستمرار ية حملة على الجيش وهو أمر معلوم وملاحظ، تتهيأ له الفرص وتشتغل السوانح ، وهذا مجرد هباء وشطط ومضيعة للوقت، لإن هذه المؤسسات لا تتجاوز ١٪ من الناتج القومي، بل الغاية منه النيل من الجيش كمؤسسة وتهيئة المسرح لتفكيكها، (وبهذه المناسبة نذكر المفاوضين في جوبا لإستصحاب ذهب جنوب كردفان وبنك الجبال).
لقد أدى ضعف المؤسسات وغياب القوانين والهشاشة الإدارية لتضييع الكثير من الموارد وإستنزاف القدرات وتراجع ولاية المالية على المال العام من ٧٦٪ إلى ١٨٪ وكانت هناك خطط لتوسيع المواعين الضريبية والتوسع في شراء الذهب وإلغاء الإستثاءات والإعفاءات الضريبية والجمركية، اما ما يجري الآن فإنه دليل على قلة الخبرة والكفاءة والمسؤولية والتخبط الإداري.
(٢)
ان مفهوم الولاية على المال العام تشمل (بسط السيطرة على كل موارد البلاد وخاصة المنتجات النقدية منها) ونقصد هنا (الهدر) في تهريب الذهب والصمغ العربي والسمسم والذهب وحده يشكل اكثر من ٤٧٪ من موارد النقد الأجنبي وعائداته تقدر بمبلغ ٤ مليار دولار وصادرات الثروة الحيوانية مليار وخمسمائة مليون دولار ، وكذلك (الهدر) في الرقابة على المال العام وطرق صرفه وحسن توظيفه، و(سياسات) الصادر والوارد، وتوجيه الإستثمار بما يحقق الفائدة العامة وتنمية المجتمع، وليس الإستثمار في قضايا هامشية، كل ذلك يعتبر إسهام ضروري في السيطرة على المال العام، وحوكمة أداء المؤسسات والشركات ويضاف لذلك تقليل الفاقد من تصدير المواد الخام، من صادرات زراعية او حيوانية ونحو ذلك. إن هذه الحكومة لم تسعى للحفاظ على ذلك، بل اسهمت في خروج السودان من أسواق مهمة مثل إندونيسيا حيث تراجع صادر الفول السوداني وتم إرجاع ٧ بواخر صادر ماشية من السعودية وأدت سياسات رعناء لتخوف المستثمرين من الدخول في السودان بعد سماعهم للمضايقات التي حدثت لمستثمرين مثل الراجحي وغيرهم.
ونستصحب مع ذلك سياسات الإعفاء الضريبي والإعفاء الجمركي وتعدد المحطات وتطوير القدرات، ويضاف لذلك الشركات العامة والشركات ذات الخصوصية. إن قضية الإقتصاد أكبر من أن تدار بعقلية (أركان النقاش) أو خبراء خارج دائرة الممارسة والتجربة العملية.
(٣)
في دفاتر المسجل التجاري هناك أكثر من ٦٥ ألف شركة تجارية وإسم عمل، فكم هي نسبة الشركات الحكومية كلها مقارنة بهذا الرقم، وماهي المعايير الجديدة، وكم شركة تتاجر اليوم في الذهب وتوريد السلع الإستراتيجية وقد أنشئت خصيصا لهذا الغرض؟ وكم راسمالها ومن هم المؤسسين؟ وما هو مردودها؟ علما بأن أغلب الشركات الحكومية تم إلغاءها وحلها منذ رئاسة د. محمد طاهر ايلا للوراء ومن جملة ٤٥٠ شركة تبقت شركات اقل من ٢٢ فقط.
إن العملة السودانية تتراجع أمام العملات الأجنبية، لإن خزائن بنك السودان شحيحة المورد مع تزايد الإنفاق وغياب الرؤية ويضاف لذلك تصريحات وإفادات تفتقر المهنية وهي تشير إلى أن خزينتنا خاوية، وهذا تحدي لا يعالج إلا بالإنتاج وزيادة الإنتاجية مع حسن توظيف الموارد والإحاطة بالثروة، وللأسف هذه أهداف مغيبة في أجندة هذه الحكومة وحواضنها السياسية وجميعهم يتفنن في سفاسف الأمور و الخيارات التعيسة، إن هذه الحكومة أقل قامة وأضعف من أن تقود هذا الوطن لبر الأمن، فهي غارقة في وحل مواقف لا تثمر سوي برق خلب! ولا أتوقع منها سوي مزيدا من الخيبات والخطل. والله المستعان.
د. إبراهيم الصديق على
الإثنين ٢٤ أغسطس ٢٠٢٠م