حسبو عبدالرحمن .. ( أي فتيً.. أضاعوا ) !!

• قبل أشهر من سقوط الإنقاذ .. غادر الأستاذ حسبو محمد عبدالرحمن منصب نائب رئيس الجمهورية بطريقة أقرب إلي التراجيديا منها إلي طريقة إدارة شؤون الحكم والتي صاحبتها ظروف وطقوس ستبقي من أهم العوامل التي ساهمت مع مضاعفات أخري في زوال حكم ودولة الإنقاذ التي أسقطها النخر والحفر داخل صفوفها قبل أن يسقطها أكل دابة المؤامرة لقواعد البناء قبل أن يخر السقف علينا جميعاً حاكمين .. ومحكومين !!
• قبل يوم من قرار اعفاء حسبو من منصبه .. كنا ضيوفاً عليه في منزله الرئاسي ببحري .. مجموعة من قيادات العمل الإعلامي والثقافي كان مقرراً سفرهم إلي ولايات دارفور الكبرى في جولة تم الترتيب لها بدقة وإشراف مباشر من نائب الرئيس والذي كان يتحدث في تلك الأمسية بحماس واحساس رجل الدولة وابن البلد الذي يأمل أن يشاركه أهل الفن والثقافة والإعلام هموم قضية دارفور التي يعرف الأستاذ حسبو تعقيداتها وتفاصيلها كما لايعرفها غيره ممن أتاحت لهم الظروف تولي ملفات حل مشكلة دارفور التي تعقدت بفعل إجتهاداتهم الخاطئة وعدم إلمامهم بمعادلات كيمياء دارفور .. الأرض .. والإنسان ..
• كانت طريقة اعفاء حسبو محزنة بالنسبة لي .. وتأكد لي أيضاً أن ماكينة صناعة القرار قد تعطلت تماماً داخل كابينة قيادة حزب المؤتمر الوطني خاصة .. وأجهزة الحكومة الإتحادية عامة .. إذ كيف يتم اعفاء المسؤول الذي أمسك ملف جمع السلاح في دارفور بقوة .. ودخل في صراع ومشادات معلنة وغير معلنة مع مراكز القوي في الخرطوم وعمق ولايات دارفور ومع هذا لم يتوقف حسبو لأنه كان يتصرف كرجل دولة تم تكليفه من رئيس الجمهورية الذي أوكل الأمر لنائبه لأنه يعلم ديناميكية حسبو وطاقته التي لا تفتر في تنفيذ المهام .. والتكاليف حيث سبق له القيام بجولات ورحلات لمناطق وأصقاع في السودان لم يزرها مسؤول سوداني منذ 50 عاماً !!
• حقق حسبو نجاحاً منقطع النظير في ملف جمع السلاح بدارفور .. وشأنه شأن أي عمل بشري .. وقع الرجل أيضاً في أخطاء المجتهد ومع هذا فقد أثبت نائب الرئيس قوة سلطةالدولة المركزية وأعاد للأذهان بعضاً من طريقة الصرامة التي اتبعتها الإنقاذ في سنواتها عمرها الأولي قبل أن تشيخ وترتخي قبضتها ويتم اعفاء المسؤولين الذين يحققون نجاحاً في إدارة الملفات العصية بفعل ضغوط مجموعات داخل مراكز صناعة القرار والمركز العام لحزب المؤتمر الوطني !!
• كان حسبو عبدالرحمن هو الأنسب لموقع رئيس الوزراء في عهد الإنقاذ فقد كان أكثر المسؤولين دراية ومعرفة ومتابعة لكل الملفات التي أمسك بها مع قدرة هائلة علي القراءة والاطلاع وجمع المعلومات حول أي قضية تقع تحت مسؤوليته .. كان الرجل يتابع الوزراء ويحاسبهم بلاتردد وبكاريزما لم تتوفر لكثيرين غيره من رجال الإنقاذ في سنوات ماقبل السقوط والإنهيار الشامل ..
• ولأن تعيين الرجال في المناصب القيادية في سنوات الإنقاذ الأخيرة لم يكن يخضع لتقييم موضوعي ولاجرد حساب جمعي فقد عشنا ظروفاً مشابهة لظروف اعفاء حسبو من منصبه .. وهي ذات الطريقة التي تم اتباعها في اعفاء الأخ معتز موسي الذي أسقطه الملأ من أصحاب المصالح وجنود المؤامرة التي أغلقت طريق الحلول في وجه الإنقاذ حتي سقطت علي وجهها .. وهي تنظر !!
• أقول هذا الحديث في مقام ومناسبة خروج الأخ حسبو محمد عبدالرحمن من معتقله الذي أمضي فيه عاماً من الزمان دون توجيه تهمة محددة .. يقيني أن الأخ حسبو قد وجد فرصة ذهبية أعاد فيها قراءة أوراقه ومراجعة تجربته كلها .. ويقيني أنه خرج وهو أكثر تمسكاً بضرورة جلوس الإسلاميين لتقييم تجربة الثلاثين عاماً التي أسقطها تفريط أهل الجلد والراس قبل أن يتكالب عليهم نمل الثورة المصنوعة !!

عبد الماجد عبد الحميد

Exit mobile version