منذ بداية هذا العام وخلال تسعة أشهر ارتفع سعر الدولار في جوبا بنسبة تقترب من 25% ووصل إلى 400 جنيه بدلا عن 300 .
هذا الارتفاع مفاجئ بعد استقرار طويل الأمد تجاوز الثلاث سنوات .
فطنت حكومة جنوب السودان إلى خطورة السعر الموازي فقامت بتحرير سعر الجنيه تماما عندما كان سعره ثلاثون جنيها في نهاية العام 2016 … فظل يتصاعد بمتوالية هندسية حتى توقف في محطة ال300 بزيادة بلغت 1000% . تآكلت مدخرات الكثيرين و خرج بعض التجار من السوق . لكن بعدها مباشرة استقرت قيمة الدولار عند ذاك الرقم لفترة طويلة مما جعل الكثير من المستثمرين يعودون للعمل في جوبا بعد أن هربوا برؤس أموالهم …
أي تغيير في سعر الصرف الموازي من قبل الحكومة السودانية يواجهه ارتفاع كبير في قيمة الدولار ، و لن يستقر سعره ما لم تحرره الحكومة تماما ، فكل هذه المعالجات ما هي الا مسكنات ليعود الدولار للارتفاع من جديد بصورة أسوأ من الأول .
في شهر يناير كان الدولار ب92 جنيها ، و الآن تجاوز ال160 بزيادة تقترب من 100% . وهذا يعني أن الدولار في الخرطوم زاد بأربع أمثال زيادته في جوبا في نفس الفترة …
لو أن الحكومة حررت العملة منذ بداية العام لإستقر اليوم في 400 جنيه و سيكون الاستقرار شبه دائم لأن صادرات السودان أكبر بكثير من موارد جنوب السودان القليلة و التي استطاعت أن تخلق استقرار لأكثر من ثلاث سنوات . و كذلك تحويلات المغتربين الضخمة يمكنها أحداث نقلة للجنيه و قوته لأن التحويلات ستكون بصورة رسمية اذا ساوت الحكومة بين السوقين الموازي و الرسمي ، ويمكن بعدها أن ينخفض الدولار بعودة المستثمرين الذين بدأوا في مغادرة البلاد بسبب عدم الاستقرار ، طفرات ارتفاع الدولار خلال هذا العام بسبب أن بعض المستثمرين باعوا استثماراتهم و اصولها فيشترون الدولار بأي سعر كي يخرجوا من البلاد ، و هذا الأمر خطير يجب على الحكومة دراسته و تذليل الصعاب التي تواجههم ….
تحرك الحكومة بتوفير وديعة مليارية ، مع فتح الفرص لكل تجار العملة لفتح صرافات تتبع رقابتها لبنك السودان و تكون مربوطة مباشرة تحت إدارته، مع وضع حوافز للمغتربين و المصدرين بارسال تحويلاتهم عبر الطرق الرسمية . مع قوانين رادعة للتعامل مع العملات الأجنبية خارج الأطر القانونية ، هذه الإجراءات ستساعد على استقرار الدولار خلال فترة وجيزة و بارتفاع مناسب يحفظ ودائع المواطنيين …
الخطورة الوحيدة التي تواجه هذه الإجراءات هو مقدرة بعض تجار العملة المالية على التهام الوديعة ، لأنهم أصبحوا اليوم أغنى من مؤسسات الدولة بسبب المضاربة في العملة . و هؤلاء يمكن للمسئولين الجلوس معهم للحد من امكانياتهم في إفساد الإجراءات .
Salim Alamin