قائمة الإرهاب .. هل تفي واشنطن بالتزاماتها؟!

تلقّى رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك، مكالمة من وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، تناولت العلاقات الثنائية بين البلدين والجهود المبذولة لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.

وقال حمدوك في حسابه الرسمي على “تويتر” أمس الأول الخميس “سعدتُ اليوم بتلقي مكالمة هاتفية من السيد مايك بومبيو وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية لمواصلة النقاش حول رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب”، وأضاف حمدوك أن السودان يتطلّع للدعم المُستمر من الإدارة الأمريكية خلال الفترة الانتقالية، يأتي هذا في الوقت الذي حذّر فيه موقع (وور ون ذا روكس) الأمريكى في تقرير نقلته (الصيحة) في عددها أمس الجمعة من التقاعس الأمريكي عن دعم السودان الذي يساعد في تقويض الثورة السودانية بسبب تقاعس الولايات المتحدة عن قيادة الجهود الدولية الرامية إلى إنعاش الاقتصاد ودعم التحول الديمقراطي وإنهاء العزلة الدولية على البلاد.

وتوالت الاتصالات واللقاءات في السابق بين البلدين بغية رفع كل القيود التي وضعتها الولايات المتحدة أمام السودان في حقبته السابقة ورفع اسمه من قائمة الإرهاب الأمريكية، التي ما زالت الحكومة السودانية مُكبّلة بقيودها في الانطلاق نحو بناء علاقات أكثر انفتاحاً مع دول العالم الخارجي، كما ان تأثيراتها على الاقتصاد السوداني ما زالت مستمرة، بيد أن القيود والشروط التي وضعتها الولايات المتحدة لاحقاً أمام الحكومة الانتقالية الوليدة قطعت فيها شوطاً كبيراً من دفع الغرامات وغيرها، فهل ما زال أمام السودان كثير للانفكاك والخروج من قمقم قائمة الإرهاب المكبلة وماذا تريد إدارة ترمب صراحة من السودان؟!

 

لقاء أول

وفي فبراير الماضي، التقى رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك ببومبيو، على هامش أعمال مؤتمر ميونيخ للأمن.

وذكر وزير الدولة بالخارجية عمر قمر الدين، أن اللقاء يأتي ليعزز المؤشرات على قرب رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ولا سيما بعد أيام من الكشف عن اتفاق قضى بدفع السودان تعويضات لمُتضرِّري الهجوم على المُدمِّرة الأمريكية “يو أس أس كول”. كما ذكرت تقارير صحفية، أنّ موضوع شطب اسم السودان من اللائحة كان الموضوع الرئيسي بين الرجلين.

 

قديمٌ مُتجدِّدٌ

أما وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، فقد أكد وقتها وجود مباحثات جارية في واشنطن بشأن رفع السودان عن “لائحة الدول الراعية للإرهاب” منذ فترة، مشيراً إلى أن أحد عناصر ذلك هو وجود سلسلة من المطالبات لضحايا المدمرة الأمريكية “كول”، التي دفع السودان استحقاقاتها في إطار التفاهم الجاري بينه وبين الإدارة الأمريكية بعد تلك اللقاءات في سبيل مساعيه الجارية لمحو اسمه من القائمة الأمريكية للارهاب. ليقول بومبيو من بعد إن إدارته في واشنطن تبذل قصارى جهدها لمعالجة هذه المسألة.

ورغم التفاعل والتفاؤل الذي حُظي به لقاء بومبيو مع حمدوك وقتها عن قرب رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، إلا أن الأمر ما زال محلك سر، إذ ما زالت المطالب الأمريكية تترى على حكومة حمدوك، وربما بحسب متابعين أن اللقاء التلفوني الأخير بينهما قد انطوى على مطالب أمريكية جديدة لرفع السودان من القائمة السوداء.

 

الجزرة والعصا

ويقول الأكاديمي والاستراتيجي الدكتور السر محمد علي لـ(الصيحة)، إن تطاول أمد الوعود الأمريكية برفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للإرهاب من شأنه أن يعمق من عدم الثقة لدى شعب السودان والشعوب الأفريقية التي تتابع هذا الملف، وفي كل مرة تؤكد الولايات المتحدة من خلال مخرجات لقاءاتها مع المسؤولين السودانيين أنّ أمر قائمة الإرهاب سياسي وامتداد “لسياسة الجزرة والعصا” التي تتعامل بها واشنطن مع الدول الأخرى.

وقال السر: يجب على الولايات المتحدة أن تحذف السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب فوراً لأنّه أوفى بكل المتطلبات الأمريكية، كما ان الحكومة الانتقالية الحالية لم تكن جزءاً مما جرى في الماضي وأنها جاءت عقب ثورة شعبية كبيرة على تصرُّفات النظام البائد، وعلى أمريكا ألا تعاقب السودان بمواقف حكومات سابقة كانت منبوذة حتى من الشعب نفسه.

وأكد السر أنه لا توجد قضية أصبحت أكثر استقطاباً، ومضخمة بشكل غير مفيد من قضية وتصنيف قائمة الإرهاب، الذي يؤدي إلى فرض قيود على المساعدات الخارجية الأمريكية والصادرات والمعاملات الدولية مع الدول الموضوعة في هذه القائمة، ويظهر ذلك في حالة السودان.

 

تكبيل السودان

ويرى السر أن تعامل واشنطن مع المسألة الراهنة شَلّ مقدرة الحكومة الوليدة من القيام بواجباتها وهي التي ينتظرها الشعب أن تعالج الكثير من القضايا السياسية والاقتصادية والتنموية، وكان على واشنطن أن تعمل على مساعدتها بتسريع إزالة اسم السودان من هذه القائمة النكراء، والعمل على تخفيف الديون الخارجية وتمويل التنمية والسودان الآن في أشد الحاجة إليها.

وأكد أن إصرار ادارة ترمب على وضع السودان بصورته الحالية ووضعه الذي يحتاج لوقوف الأصدقاء معه، يمنع مُعظم البنوك والمستثمرين الأجانب من الاقتراب من السوق السودانية، كما يمنع ويضع القيود على التحويلات البنكية التي عانى منها الاقتصاد السوداني كثيراً.

 

تخدير أمريكي

فيما يرى المحلل السياسي والأستاذ بالجامعات السودانية د. أبو بكر آدم أن إلغاء تصنيف الإرهاب وحده والذي تسعى له الحكومة بكل قوتها ومساعيها لن يساعد كثيراً في استعادة الاقتصاد السوداني لعافيته، رغم أنه عقبة يتطلب محوها وبسرعة دون الدعم الحقيقي والصادق من الإدارة الأمريكية التي تمتلك ناصية القرار في كل المؤسسات الدولية.

وقال لـ(الصيحة) إن الكثير من السودانيين، أصبح وفاء واشنطن بتعهداتها والتزامتها في المحك لإنقاذ واقع السودان المُزري.

وأشار أبو بكر إلى مناشدة رئيس الوزراء حمدوك واشنطن في سبتمبر الماضي بالتوقف عن “مُعاقبة شعب السودان، بسبب أفعال النظام السابق التي عانى منها الشعب والبلاد طويلاً”، وقال إن الأمر أصبح واضحاً وإن أمريكا إذا أرادت أن تبيض وجهها ومواقفها لدى الشعب السوداني هو أن تسارع إلى رفع اسمه من قائمة الإرهاب دون تسويف ودون اللجوء إلى مطالبات إضافية أرهقت كاهل المواطن السوداني الذي ما زال يدفع ما يملك لكي يرضي البيت الأبيض عن دولته، متسائلاً بقوله: متى تكتب واشنطن، شهادتها التي تحمل القرار بمسح وشطب اسم السودان من قائمة الإرهاب التي مكث فيها لفترة طويلة وعانى منه شعبه الكثير، أم أنّ اللقاءات الثنائية مع مبعوثي البيت الأبيض عبارة عن تخدير للشعب وللحكومة السودانية فقط، وزاد: متى تصدر واشنطن شهادتها المبرأة لإنقاذ السودان من هذا المُعترك..؟!

 

 

تقرير – عبد الله عبد الرحيم
الخرطوم: (صحيفة الصيحة)

Exit mobile version