الدقيق .. موقف ضبابي

يعيش المواطن السوداني منذ فترة طويلة العديد من المشكلات الاقتصادية، تمثلت في عدم توفير أبسط سبل العيش التي تتمثل في توفير السلع الاستهلاكية، ومن المعلوم أن المواطن عاش خلال فترة الثلاثين عاماً الماضية حزمة من الأزمات الاقتصادية، وما زال الوضع متأزماً بسبب إهمال القطاعات الإنتاجية رغم امتلاك البلاد العديد من المقومات التي تؤهلها لتوفير احتياجات البلاد والعالم أجمع، واستبشر المواطن بعد الإطاحة بالنظام السابق خيراً بأن يسهم النظام الجديد في معالجة مشاكل البلاد، ولكن من الملاحظ أن بعض السلع تعاني نقصاً خاصة بما يتعلق بالمواد البترولية بجانب وجود مشكلة في السيولة، فما زالت الصرافات تزدحم بالصفوف الطويلة من المواطنين، كما نجد أن سلعة الدقيق شهدت شحاً خلال الأيام الماضية، خاصة فترة العيد تملثت في انعدام الخبزوعودة الصفوف أمام المخابز في العديد من مناطق ولاية الخرطوم، كما عات بعض الولايات ذات المشكلة. وبالرغم من تزايد الدعم الحكومي للدقيق ما تزال مشكلة الخبز قائمة دون حل، ويرجح مختصون أن الأزمة إدارية في كثير من جوانبها، وقصور في الدور المرسوم للجهات ذات الصلة خاصة انعدام الرقابة وعدم كفاءة دور الأمن الاقتصادي بحسب ما يقول عاملون بقطاع المخابز.

وتحتاج البلاد لما لا يقل عن 600 طن من القمح في المخزون الاستراتيجي، وهو ما لا يتوفر حالياً، حيث لا تتجاوز السعة التخزينية 200 طن مما يجعل الاعتماد على الوارد مخاطرة غير مضمونة خاصة مع زيادة تكلفة الترحيل من الموانئ ونقص الوقود، وأدى هذا الوضع الضبابي لوجود عجز دائم في الدقيق بالولايات ويصل النقص في بعض الأحيان إلى أكثر من 50%.

هذا ما أكده نائب رئيس غرفة المخابز إسماعيل عبد الله، وعزا الأزمة الحالية إلى نقص حصص الدقيق بجانب عدم توفر الغاز. وتشكو المخابز من المعيقات والمشاكل، ونفى صاحب مخبز بالخرطوم (3) أحمد عبد المجيد لـ( الصيحة) وجود شح في الدقيق وأن الحصص التي يطلبونها تأتي إليهم كاملة، وأشار الى معاناة المخابز من ضغط كبير في تغطية الطلب اليومي في إشارة منه لوجود طلب عالٍ من المواطنين لشراء الخبز بكميات تفوق الطاقة الإنتاجية للمخابز، فضلاً عن ارتفاع تكاليف التشغيل المتصاعدة، وقال: بالرغم من توفر حصص الدقيق التي تأتي للمخابز إلا أن أرباح تكلفة التشغيل خاصة المخابز الصغيرة ضعيفة. فيما أقر رئيس اللحنة الاقتصادية لحماية المستهلك والخبير الاقتصادي د. حسين جبريل القوني، بوجود بوادر أزمة في الدقيق أرجعها لعدم وجود مخزون استراتيجي كافٍ من سلعة القمح، وقال في حديث لـ (الصيحة) إن أزمة الدقيق واحدة من الأزمات التي يعاني منها المستهلك، وإن الأسباب الحقيقية للأزمة ضائعة بين المواطن والمسؤولين، وشدد على اهمية إبقاء الدعم على سلعة الدقيق لأنها سلعة استراتيجية وضرورية، ويجب على الحكومة أن لا ترفع عنها الدعم بل توفيرها لما لها من تأثيرات سالبة علي الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، منادياً بأهمية تشجيع زراعة القمح داخلياً حتى لا يذهب قرارنا للخارج، لافتاً إلى ضرورة البحث عن بدائل وأدوار تقوم بها مراكز البحوث للتوصل الى الأسباب الحقيقية أوصلت البلاد إلى هذه المرحلة.

وأكد القوني أن الواقع الحالي يقول إن الوضع الاقتصادي غير مطمئن، وأضاف أن (البلد الآن تاكل من سنامها) لعدم توفر الخدمات، ولفت بضرورة معالجة الوضع خاصة وأن ذلك سيؤدي إلى تراكم المشاكل وسيكون الوضع أكثر تعقيدًا وعندها ستكون المشكلة أكبر، وأضاف: نهيب بالحكومة أن تراعي مصلحة المواطن أولًا وأخيراً. وقال المستشار الاقتصادي عبد الله الرمادي، إن تحقيق نهضة اقتصادية مهمة ليست بالعسيرة، وقال إنها تحتاج فقط إلى قرارات صحيحة، مشيراً إلى أن السودان لديه من الإمكانات “ما يكفي لقارة كاملة” إن كل المشكلات التي عانى منها الاقتصاد السوداني طوال الفترة السابقة ناجمة عن قرارات خاطئة، ولفت إلى أن معالجة الحكومة لهذه الاختلالات يعتبر مدخلاً مناسباً لمعالجة مشكلات الاقتصاد السوداني ككل وليس القمح وحده.

الخرطوم: سارة إبراهيم
صحيفة الصيحة

Exit mobile version