كرامة وسيادة الشعب السوداني ليست سلعة رخيصة معروضة للبيع !!

الطرفة التي كانت متداولة أن أحد الطلاب الجالسين لامتحان التاريخ في امتحانات الشهادة السودانية حفظ عن ظهر قلب مقالاً عن سياسة بسمارك الداخلية وفي ورقة الامتحان عندما قدمت أصيب بخيبة أمل وفوجئ بأن السؤال المطروح عن سياسة بسمارك الخارجية وتلفت يمنةً ويسرى وكتب مقدمة ذكر فيها أن سياسة بسمارك الخارجية هي إمتداد لسياسته الداخلية ولا تنفصل عنها وهي بالتالي جزء منها وكتب المقال الذي حفظه … والسياسة الداخلية والسياسة الخارجية لأي دولة تنطلقان من مشكاة واحدة ولا إنفضال وانفصام بينهما . وحدثت اختراقات خارجية عديدة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة أذكر منها علي سبيل المثال لا الحصر ان الانتخابات العامة التي أجريت في عام 1986م كان التدخل والتمويل الاجنبي فيها واضحاً وضوح الشمس في رابعة النهار وكانت القيادات هي التي تتسلم الأموال وتتصرف فيها وتنفق منها ولذلك سرحت ومرحت عدة سفارات أجنبية أثناء التعددية الحزبية الثالثة حتي كادت الخرطوم أن تصبح من الناحية السياسية عاصمة بالوكالة وليست عاصمة بالأصالة . وسبق ذلك تدخل الصاغ صلاح سالم في انتخابات عام 1953م وصرفه أمولاً طائلة وتقديمه رشاوى كثيرة مما أضطر الطرف الآخر للقيام بمبادرة قادها الصحفي والمترجم م . ع للحصول في المرحلة التالية علي تمويل حتي ولو من اسرائيل ولم تكلل مساعيه بالنجاح . وفي عشرية الانقاذ الأولي وما بعدها قليلاً التف بعض المعارضين السودانيين في الخارج حول البارونة كوكس وهي ممرضة لم تسجل زيارة للسودان ولا تعرف عنه شيئاً ومع ذلك ظلت تردد عبر وسائل الإعلام الغربية أن السودان يشهد اضطهاداً دينياً للمسيحيين وغيرهم لا مثيل له وهذا محض هراء وكذب وجمعت هي ومن يلتفون حولها أمولاً طائلة ومساعدات عينية هائلة يعلم الله سبحانه وتعالي وحده أين ذهبت ؟! ويسعي المنتفعون من الخواجات ومن حولهم من المرتزقة لجمع التبرعات والهبات العينية باسم معسكرات النازحين بدار فور ويتمنون أن تستمر إلي الأبد ليدخلوا جل عائداتها في جيوبهم وحساباتهم ولا يقدموا للنازحين الطيبين المغلوب علي أمرهم إلا القليل والمؤسف أن بعض المعارضين في الخارج كانوا يكتبون التقارير للمنظمات الدولية نكايةً في حكومة الانقاذ ولكنهم بكل أسف اضروا بوطنهم ضرراً بليغاً وتحمل الشعب نتائج تلك العقوبات ولا زال يدفع الثمن غالياً ولعل بعض معدي تلك التقارير قد اضحوا جزءً من المنظومة الحاكمة الآن ويسعون لنقض ما غزلته أيديهم ( والتسوي بي أيدك يغلب أجاويدك ) .
وفي شهر ديسمبر عام 2013م حدثت مفاصلة ناعمة أبعد بموجبها عدد من قيادات وأركان النظام السابق ولم يظهروا غضبهم وأضمروه ( وإذا رأيت نيوب الليث بارزةً فلا تظنن أن الليث يبتسم ) . وعندما اشتدت الأزمات الحادة اضطر الرئيس السابق ( ولم تكن عنده قشة مرة ) لطرق أبواب عواصم خارجية كثيرة ومحاور اقليمية عديدة بينها صراعات وشد وجذب طالباً مساعداتها ووجد أبوابها جميعاً موصدة أمامه تماماً ( وفي هذا مرمطة للكرامة الوطنية ) وأخذ يغريهم دون جدوى بالموانيء ( سواكن وبورتسودان ) وزاد الأمر سوءً علي سوئه وتفجرت ثورة الغضب الشعبي الكامن وكان خصومه في النظام الذين أبعدهم في المفاصلة الثانية يريدون إسقاطه والإبقاء علي النظام بدونه ليشرب من ذات الكأس الذي سقاهم منه ولكن نظامهم كله سقط وحلت محله سلطة إنتقالية ليست في مستوي التحديات العويصة التي يمر بها الوطن وبلغت فوضي الأسواق وجنون الأسعار وتردي الأحوال المعيشية للمواطنين حداً من السوء يصعب وصفه وتخبطت السلطة وخاضت في مهام ليست من اختصاصها بل هي من اختصاص الجمعية التأسيسية القادمة عندما يتم انتخابها بعد إنتهاء الفترة الإنتقالية والمؤسف أن السلطة طالبت بالوصاية الدولية علي السودان . وثورة التغيير ستظل قائمة مع ضرورة إحداث اصلاحات جذرية داخلها لتعمل وفق برنامج واضح وأن تكون علي بعد مسافة واحدة من كل الأحزاب والقوي السياسية التي عليها جمعياً أن تنصرف لتنظيم نفسها وإقامة تحالفات بين المتقاربين فكرياً دون أن تكون لأي حزب من الأحزاب أو تحالف من التحالفات أي وصاية أو سيطرة علي السلطة الإنتقالية . وإن الدول العربية النفطية الغنية تمنح بعض الدول العربية الشقيقة منح بعشرات أو مئات المليارات من الدولارات وهذا شيئ يخص الطرفين وكذلك تفعل معهم بعض الدول الغربية ونفس هذه الدول العربية الشقيقة المانحة تمتنع عن منح القليل اليسير للسودان لفك اختناقاته الحادة في الضروريات ولو بالقروض المؤجلة ( وهجوم بعض الأحزاب الصغيرة عليهم ليس مبرراً للإمساك عن التعاون ) وتاريخياً فان علاقات السودان طيبة مع كافة الدول العربية . والسودان وطن له سيادته وعزته وكرامته وعلاقاته الخارجية يحددها هو ولا يحددها له الآخرون وما يجري في ليبيا مثلاً هو صراع داخلي بين طرفين والسودان يمكن أن يقوم بدور توفيقي رغم أن الوضع هناك معقد وليس من مصلحته أن يكون طرفاً في هذه الحرب وهو الخاسر لأن الفارين من الحرب سيلجأون إليه ويدخلون دار فور بأسلحتهم ويوجد محورين اقليميين كل محور منهما يقف مع طرف من الطرفين الليبيين . وبعض الدول العربية تدعم حفتر بالمال والسلاح وكل أنواع الدعم ولكنها لا تضحي بأبنائها ليكونوا مشاة ومقاتلين في هذه الحرب ويسعون ليكون ( السودانة ) علي حد وصفهم هم الذين يحاربون بالإنابة عنهم بالميدان ومن أراد أن يحارب كفرد بقناعاته الذاتية مع هذا الطرف أو ذاك فهذا شيئ يخصه ويجب ألا يحسب علي السودان خاصة إذا كانت هناك شبهة إرتزاق وعمالة والوطن الشامخ برئ من هذا وكرامة وسيادة الشعب السوداني ليست سلعة رخيصة معروضة للبيع .

صديق البادي

الانتباهة

Exit mobile version