هل انتهى اتفاق صدام والأتراك بشأن استهداف الأكراد داخل الأراضي العراقية؟

إعلان تركيا عن عمليتها العسكرية الموسعة ضد قواعد وعناصر حزب العمال الكردستاني “بي كا كا” في شمال العراق طرح العديد من التساؤلات حول مشروعية العملية التركية وحقيقة سريان اتفاقها الموقع مع صدام حسين في هذا الشأن.

تباينت آراء الخبراء والمحللين والساسة حول إنتهاء سريان تلك الاتفاقية، حيث يرى فريق أن من حق تركيا التمسك بتلك الاتفاقية والتي لم تقم أي من الحكومات العراقية المتعاقبة بعد العام 2003 بإلغائها أو تعديل بنودها نظرا لعدم قدرة تلك الحكومات على التصدي لحزب العمال، ما دفعها للسكوت، أما الفريق الثاني فيرى أن الاتفاقية انتهت منذ العام 1988 بمجرد انتهاء الحرب الإيرانية-العراقية ولم تكن هناك حاجة للحديث عنها لأنها غير مسجلة في المنظمات الدولية.

انتهاك للسيادة
قال الدكتور عبد الستار الجميلي أمين الحزب الطليعي الناصري: “في الواقع ما يقوم به النظام التركي من انتهاك للسيادة العراقية في شمال البلاد لا علاقة له بأي إتفاق سابق أو حاضر، إنما هو نمط عدواني دأب أردوغان على تنفيذه ليس في العراق وحده وإنما في سورية وليبيا وفلسطين وغيرها من الساحات العربية، كجزء من مخطط أوسع تنفذه الأخويات الارهابية وأردوغان جزء منها”.

وأضاف أمين الحزب الطليعي لـ “سبوتنيك”، إن الحديث عن اتفاق مع النظام السابق”صدام حسين” ليس له أي قيمة في ضوء قواعد القانون الدولي، حيث تسقط إتفاقيات الأنظمة الخاصة مع سقوط هذه الأنظمة، وهذا الاتفاق سقط مع سقوط النظام السابق، وليس للنظام التركي أن يحتج به، ولا تحتاج الحكومة العراقية إلى إسقاطه لأنه سقط مع النظام السابق، فضلا عن أنه لم يسجل في الأمم المتحدة.

وتابع الجميلي، وفقا لميثاق المنظمة الدولية، فإنه لايمكن الاحتجاج بأي اتفاق لم يسجل في المنظمة الدولية وأمام أجهزتها والعالم، وبالتالي مايحدث هو عدوان مباشر على سيادة العراق وسلامة أراضيه وحياة مواطنيه، ويهدد السلم والأمن الدوليين.

الدفاع الشرعي

وأكد أمين الحزب الطليعي، أنه “من حق العراق أن يستخدم حق الدفاع الشرعي بموجب ميثاق الأمم المتحدة باستخدام القوة لرد هذا العدوان، الذي تزامن مع عدوان النظام الإيراني على شمال العراق، ما يؤكد على تنسيق النظامين في العدوان، استغلالا لحالة الكبوة المؤقتة التي يعيشها العراق حاليا”.

وحول عدم تطرق الحكومات المتعاقبة بعد 2003 لهذا الاتفاق واعتباره لاغي تلقائيا قال الجميلي، هذا الاتفاق ملغى تلقائيا، لأنه وفقا للقانون الدولي تقسم الاتفاقيات إلى اتفاقيات دولة وهذه تبقى سارية، واتفاقيات الأنظمة وهذه تسقط بسقوط الأنظمة، واتفاق النظام السابق مع النظام التركي كان اتفاق نظام.
الاتفاق ساري

وعلى الجانب الآخر قال ماجد عزام الباحث والمحلل السياسي التركي: “إن الاتفاقية الموقعة بين العراق وتركيا في عهد صدام حسين والتي تعطي الحق للجيش التركي في ملاحقة تنظيم حزب العمال المصنف “إرهابيا” والمتواجد على الأراضي العراقية مازالت سارية والحكومة التركية تعمل بموجبها”.

وأضاف عزام لـ “سبوتنيك” أن الحكومات المتعاقبة في العراق لم تقم پإلغاء تلك الاتفاقية الدولية نظرا لعجزها عن القيام بدورها في ملاحقة التنظيم، الأمر الذي يعطي الحق لتركيا في القيام بعملياتها العسكرية ضد التنظيم الذي يتمركز بقواعده على الأراضي العراقية، بل ويقوم بعمليات ضد الأراضي التركية ويقوم بالتسويق لنفسه عبر اللقاءات التليفزيونية والصحفية من داخل العراق”.

وتابع المحلل السياسي: “إن الوضع السياسي المزدوج والعلاقات بين المكونات السياسية بمختلف الطوائف جعل من العراق قاعدة لتنظيم PKK، ولا يخفى على أحد ما يقوم به الحشد الشعبي العراقي من دعم عسكري ولوجستي لهذا التنظيم الإرهابي”.

وأشار عزام إلى أن الاتفاقية تتيح للقوات التركية ليس فقط قصف قواعد الحزب، بل والتوغل بريا لمسافة ٥٠كم داخل الأراضي العراق لملاحقة عناصر التنظيم.
وأكمل عزام، وبالإضافة إلى المعاهدة الموقعه بين الجانبين العراقي والتركي، فإن البند 50 من ميثاق الأمم المتحدة يعطى الحق لتركيا فى الدفاع عن أمنها ومواطنيها وملاحقة الإرهابيين فى دولة أخرى حال عجز هذه الأخيرة عن القيام بواجباتها ومسؤولياتها ومنع أى نشاط إرهابى على أراضيها أو انطلاقا منها.

ليست اتفاقية

واعتبر طارق حرب الخبير القانوني العراقي أن اتفاق صدام وتركيا بشأن دخول القوات التركية قد انتهى منذ نهاية الحرب العراقية الايرانية سنة 1988، وقال حرب في تصريحات صحفية سابقة إن مثل هذا الاتفاق قد انتهى منذ نهاية الحرب العراقية الإيرانية سنة 1988 ولم يتول صدام تجديده لأنه كان ضمن تأييد تركيا للعراق في حرب صدام مع ايران، وبما أن الحرب قد انتهت فلم يجدد صدام هذا الاتفاق، مبينا أن الحكومات العراقية لم تتول منذ سقوط صدام سنة 2003 إلى الآن تجديد هذا الاتفاق”.

وأشار حرب إلى أن صدام حسين كان يريد الغاء تلك الاتفاقية فعليا إلا أن إنشاء المنطقة المحمية من جانب أمريكا جعل إنهاء الاتفاقية فعليا أمر بالغ الصعوب، كذلك فإن هذا الاتفاق بين صدام وتركيا لا يمكن أن يعتبر اتفاقية بالمعنى المحدد بموجب دستور 1970 الذي كان نافذا حتى سقوط صدام، ولا يمكن كذلك أن يعتبر اتفاقية بموجب قانون عقد المعاهدات السابق رقم (111) سنة 1979 ،كذلك لا يمكن أن يعتبر هذا الاتفاق اتفاقية بموجب قانون عقد المعاهدات الجديد رقم (35) لسنة 2015 ،لأنه اشترط في المادة (17) موافقة مجلس النواب بأغلبية الثلثين على عقد المعاهدات الأمنية والعسكرية ومعاهدات الحدود والمعاهدات التي تمس السيادة”.

أعلنت وزارة الدفاع التركية، الثلاثاء 16 يونيو/حزيران الماضي عن إطلاق عملية عسكرية جديدة شمالي العراق.

وقالت وزارة الدفاع التركية في بيان عبر حسابها بموقع تويتر: “لقد بدأت عملية (المخلب-النمر)، فعناصر وحدات الكوماندوز الأبطال موجودون حاليا في منطقة هفتانين”.
وبحسب وكالة “الأناضول” التركية، تأتي عملية “المخلب-النمر” في منطقة “هفتانين” شمالي العراق، ضد عناصر حزب العمال الكردستاني.

ونشرت الدفاع التركية مقطع فيديو لعملية “المخلب-النمر”، حيث أظهر قصفا مدفعيا عنيفا من قبل القوات التركية إلى جانب استخدام مقاتلات سلاح الجو والطائرات بدون طيار.

وتنفذ القوات التركية في السنوات الماضية عمليات مكثفة ضد المسلحين الأكراد، الذين تعتبرهم إرهابيين، في كل من العراق وسوريا، قائلة إن ذلك يأتي ردا على هجمات شنها أو خطط لها عناصر “حزب العمال الكردستاني”، الذي تحاربه تركيا منذ نحو أربعة عقود داخل البلاد وخارجها.

ويخوض “حزب العمال الكردستاني” تمردا على الدولة التركية منذ 1984، وتصنفه تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية، وفي الصراع الدائر، قتل أكثر من 40 ألف شخص.

سبوتنيك

Exit mobile version