نفاق مسؤولين وسذاجة آخرين
حملات مكثفة من التصريحات للجهات الرسمية خلال اليومين السابقين بسبب وبدون في المنابر المختلفة.. سباق محموم بين تجمعات وكيانات وحشد سياسي لمليونة 30 يونيو.. خلاف في الساحة ما بين احتفائية وتصحيح مسار.
حتى هنا لم ينته الأمر بل خرجت بعض اصحاب القرار بالجهاز التنفيذي والنقابات والكيانات والتجمعات والأحزاب بشأن المليونية التي ينظر إليها الجميع نظرة سياسية بغيضة يتسلقون بها على صحة المواطن من أجل الجلوس على كراسي السلطة، متناسين دعواتهم بضرورة الإلتزام بالإرشادات وموجهات اللجنة العليا للطوارئ الطبية، لتحمل ذات الجهات نتناقضات كبيرة بين توجهها الحالي وموقفها السابق.
التصريحات غير الرسمية تمثل كياناتها وتعبر عن مصالح شخصية وحزبية ضيقة قد تبيع فيها مبادئها وتبدل مواقفها وتتجاوز نظامها الأساسي الذي يحكمها وهذا ليس بغريب عنها لذلك لن نتحدث عنها الآن وسنفرد لها مساحة اخرى.
على المستوى الرسمي خرج الرئيس المناوب للجنة الطواريء بالبلاد بروفسير صديق تاور ليعلن إجماع الجهات ذات الصلة بالدولة وتأكيدها على تجديد الحظر لمدة سبعة ايام تبدأ من بعد المليونية ومنها تعود الحياة إلى طبيعتها تدريجياً خوفاً على صحة الجميع، واتبعه رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك بمخاطبة طويلة وعريضة عن نضال الشعب ومواقفه الباسلة وفي ختامها ناشد الشعب بتوخي الحذر وإتباع الإرشادات في المليونية تجنباً لإنتشار الفايروس والعدوى ومراهناً على وعي الجميع.
ما ذُكر يعتبر ام التناقضات وبذلك تضع السلطة الحاكمة نفسها في مغالطات عن الأسباب الحقيقية التي يقوم على أساسها الحظر الذي امتد لاشهر إبتدأت من قبل شهر رمضان الكريم بدواعي صحة المواطن ومزاعم التخفيف والحد من إنتشار الفايروس، وتضمنت تلك الأيام الكثير من أصوات اللوم تارة والرجاء تارة أخرى للمواطنين باستهتارهم وعدم جديتهم في التعاطي مع الجلل الذي ضرب العالم اجمع.
حجة الخوف على الشعب أضحت اكذوبة لا يصدقها حتى الأطفال خاصة بعد التصريحات الأخيرة التي تؤكد خطورة الموقف وتسمح بتجمعات مليونية قد تحدث فيها جميع الأخطار الطبيعية بفعل المرض والمفتعلة بالمتربصين بالثوار والسلطات تعي ذلك جيداً.
من غير المعقول ان تحرص الدولة على تمديد الحظر لإسبوع آخر يبدأ من غرة يوليو وتسمح بمليونية في نهاية يونيو ومن ثم تجدد الحظر لخطورة الموقف، اذاً عن اي خطورة تتحدث والفايروس لا يغيب في المليونية لسواد عيونهم ويظهر في الأيام التي حددوها بعد الخروج؟ وهذه نقطة تحتاج لتوضيح فهي تشكك في جميع ما يقوله المسؤولين.
على السلطات الخروج للعلن ومخاطبة الشعب بكل شفافية عن الوضع الصحي و الأسباب الحقيقية وراء الحظر، فذات الفايروس الذي حظرت الجميع من اجله اشهرا ومددته لن يتعامل بفترة سماح مزاجية مع من ينتهك اجسادهم سيما وأن التجمعات و الإزدحام اشد خطراً حسب ما صدروا لنا عبر وسائل الإعلام ونشراتهم التوعوية المختلفة فما الذي تغير الآن وموقفكم يختلف جملةً وتفصيلاً؟ بل ضربتم بالإرشادات والإجتماعات والقرارات عرض الحائط؟
اتمنى أن يظهر وزير صحتنا المبجل د. اكرم التوم ليفتي في الأمر، فهو من ظل يهاجم المواطن ويذله ويحمله مسؤولية إزدياد الحالات وتفشي الفايروس، فهل يستطيع تحدي تاور وحمدوك ويعيد عبارة (مرقت ما عندنا ليك حاجة بنديك درب وبتموت) مع تعديل طفيف يشير لعدم الخروج ويؤكد مجددا ضرورة الحظر ام يمتلك الشجاعة ويتحدث اما عن خطأ الدولة بالسماح للخروج في المليوينة وان ذلك ضد التوجه العام في مجابهة الجائحة او يقر بأنه ومن معه استغلوا الفايروس لاغراض اخرى؟، والشاهد على ذلك نسف جميع ما قام به اؤلئك النفر من جهات رسمية ومنظمات وشباب بالتوعية والإرشاد على كافة الأصعدة على مدار اشهر في تصريحات لم تتعدى العشر دقائق على ذات المنصة التي يحذر ويهدد ويوعي بخطورة الموقف؟ كما لا ننسى تصريح وزير الأعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة الإنتقالية فيصل محمد صالح الذي توعد بتقديم كل من يكذب وجود المرض او يقدم معلومات مضللة بشأنه للمساءلة، فهو الآن مطالب بتقديم من يكذبون او يقدمون معلومات مضللة بل يعرضون صحة الجميع للخطر، وكأنهم ينفون وجود المرض في يوم 30 يونيو ويُقرون به في اليوم الذي يليه.
صدى اخير
حتى لا يظن البعض أن هذا الحديث ضد تصحيح المسار او يفسر بشكل آخر، كلنا مع التغيير والتصحيح وبالطبع لا بد منه، ولكن لسنا مع التناقضات وعدم الشفافية والكذب والنفاق واستمالة الآخرين.
معاوية عبد الرازق