اعتقال كوشيب اوتسليم نفسه او قيام جهة ما باستدراجه الي فعل ذلك سوف يحدث اختراقا كبيرا في مشروع العدالة الانتقالية لثورة ديسمبر المجيدة ، ذلك لان مطالبات المحكمة الجنائية الدولية بتسليم بقية المتهمين لن تتوقف اضافة الي المعلومات الجديدة التي سوف يقر بها الموقوف امام المحكمة . وعلي ذلك فقد فتحت آمال وآفاق لاسترداد حقوق من ظلمو وقتلو وهجرو اشتاتا ومن استبيحو في ساحة الاعتصام ومن قنصو بالرصاص الحي خلال تظاهرات الثورة ومن تمت تصفيتهم في بيوت الاشباح ومن نالو ما نالو من تعذيب، واخيرا سوف تاتي العدالة وان طال تأخرها.
السلطة الحالية بشقيها السيادي والوزراء ليس من امامها سوي خيار وحيد وهو التعاون مع العدالة الدولية سواء كان ذلك القيام بعمل جاد وفعلي لاصلاح المنظومة العدلية ككل بما يتسني لاجراء محاكمات فعلية وحقيقية وبرقابة دولية او تسليم المتهمين للجنائية الدولية، وهذا هو الخيار المرجح نسبة لتعنت رئيسة القضاء في اصلاح المنظومة العدلية والتراخي والتباطؤ المقصود في المحاكمات لقرابة العام من التشكيل الحكومي الحالي ، ومما يجدر ذكره ان مجمل الترسانة القانونية طوال الثلاثون عاما بنيت علي نظرية توماس هوبز (1588- 1679) في القانون والذي يعرفه بانه أمر يصدر من الشخص الذي يمتلك السيادة في الدولة ، فكانت بدرية تنسج وتطرز القوانيين بما تهوي السلطة وعرابها الساقط.
لغة التهديدات والتبجح بالسيادة الوطنية لهضم الحقوق المنتهكة لا مكان لها في الظروف والاوضاع الحالية لانها سوف تدخل السلطة الحاكمة في مواجهة مع المجتمع الدولي في ظل ازمة اقتصادية ومعيشية معقدة لا يدرك مداها في ظل التخبط السياسي الراهن ، كما ان سيناريو المراهنة علي الانقلابات المبنية علي تحركات الزواحف وفلول النظام لصياغة شرعية انقلابية جديدة او الهروب الي الامام بصناعة انتخابات مبكرة مخجوجة سوف تبوء بالفشل مثلما حدث عديد المرات . ويشار الي ان الجناح العسكري للسلطة لا يسمح بانقلابين جدد ليس حبا في الثورة او الثوار بل انما ذلك يجعل مصيرهم مجهولا ، لهذا يراهنون كثيرا علي حراك جماهيري من فلول النظام السابق والناقمين من بؤس الخناق الاقتصادي والسيولة الامنية لاضفاء شرعية انقلابية له مثلما حدث عقب فض الاعتصام وخطاب البرهان الشهير، اضافة الي ان الشارع الثوري الحقيقي ولجان المقاومة علي استعداد لاية متغيرات.
في السياق خرج بيان مجلس الوزراء قائلا بان المعتقل كوشيب مطلوب للعدالة السودانية منذ فترة ليست بالقصيرة ، غير ان الحقائق تقول انه ظل يرأس لجنة الامن في محلية رهيد البردي حتي لحظة خروجه نحو افريقيا الوسطي وتسليم نفسه للقبعات الزرقاء والتي قامت بترحيله الي لاهاي ، وهذا ربما يدل علي غياب المعلومة او انما محاولة لاظهار السلطة وكانها جادة في اجراء محاكمات للمتورطين في احراق دارفور، علي كل لابد من تحقيق العدالة وجبر الضرر والتعويضات اللازمة بعيدا عن الصورية والافعال المظهرية او الانتقائية التي تجرم البعض وتعفو عن البعض الاخر ترفع فيها الحصانات عن من تلاحقه يد التحقيقات، وفيما يختص باهالي دارفور فقد عبرو مرارا في معسكرات النزوح بعدم قبولهم باية محكمة سوي الجنائية الدولية.
محمد البشير احمد
الراكوبة