* لا ادرى السبب الذى جعل مجلس الامن والدفاع يتحفظ على قراري مجلس الأمن بالتمديد للبعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في دارفور (يوناميد)، وإنشاء بعثة دولية لمساعدة السودان في تنفيذ مهام الفترة الانتقالية (يونيتامس)، حسب البيان الغريب الذى أصدره المجلس قبل يومين معربا فيه عن ترحيبه بالقرارين والتحفظ عليهما في نفس الوقت، فالأول يجرى تجديده بشكل دوري (كل ستة أشهر) منذ تاريخ إنشاء بعثة حفظ السلام في دارفور في يوليو عام 2007 ، والثاني جاء استجابة لطلب تقدمت به الحكومة السودانية للأمم المتحدة لمساعدتها في تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية، أي أنه لم يُفرض على السودان وإنما جاء استجابة لطلبه، وكان من المفترض أن يشكر مجلس الأمن على القرار وليس التحفظ عليه، كما يجب أن يشكر على تمديد بعثة السلام بدارفور التي تقدم خدمات كبيرة للنازحين في المعسكرات تتضمن الامن والمساعدات الانسانية منذ أكثر من اثنى عشر عاما .. ولولا وجود هذه البعثة لقضوا من الموت جوعا او القتل بواسطة المليشيات في المعسكرات التي نزحوا إليها إثر وقوع العدوان الغاشم عليهم بواسطة القوات الحكومية المدعومة بالمليشيات القبلية خلال عامي 2003 و2004 والأعوام التي تلتها، وحرق قراهم وتشريدهم والاستيلاء عليها وتوطين الاجانب فيها مما يعرفه الجميع !
* وبما ان مجلس الامن والدفاع يتبع للمجلس السيادي ويأتمر بأمره ويضم تقريبا نفس المجموعة العسكرية التي يتكون منها المجلس السيادي، فلا بد ان نسأل المجلس السيادي الموقر باعتباره رأس الدولة: ماذا يعنى الترحيب بالقرارين ثم التحفظ عليهما في الوقت نفسه، بدون توضيح أسباب هذا التحفظ، وعلى أي بند او بنود في القرارين جاء التحفظ حتى تتضح لنا الصورة، فلربما كانوا على حق في تحفظهم، أم أن التحفظ يشمل كل ما جاء في القرارين؟!
* وسؤال آخر: هل وافق اعضاء المجلس المدنيين على ما جاء في البيان، وهل اطلعوا عليه قبل صدوره باعتبار ولايتهم على مجلس الدفاع والأمن ؟
* وانتهز الفرصة لأتساءل بعيدا عن مجلس الامن والدفاع : ما هي آلية اتخاذ القرار داخل المجلس السيادي، الإجماع أم الأغلبية أم ماذا، وما هو النصاب المطلوب للاجتماعات وإصدار القرارات، أم يمكن لأى مجموعة أن تجتمع وتصدر أي قرار، وسبب هذا السؤال هو ما لاحظته بأن مجمل قرارات المجلس السيادي تأتى متسقة مع رؤية المكون العسكري ، أم أنها تتم بدون أخذ رأى الاعضاء المدنيين، أم أن الأعضاء المدنيين من الضعف بمكان لدرجة سمحت للعسكريين بالسيطرة الكاملة عليهم .. وهنا يفرض سؤال كبير جدا نفسه : هل كان اختيار الأعضاء المدنيين في مستوى الطموح، خاصة إذا قارناهم برصفائهم اعضاء المجالس السيادية السابقة الذين كانوا من كبار الشخصيات المؤثرة في الحياة السياسية والاجتماعية في السودان مثل الزعيم اسماعيل الأزهري والدكتور التجاني الماحي ولويجى ادوك وداود الخليفة والدكتور على حسن تاج الدين والدكتور عبد الحليم محمد وغيرهم من كبار الشخصيات، مع كامل تقديري واحترامي للأعضاء الحاليين!
* يقول البيان الغريب للمجلس، إن حكومة السودان ترحب بالقرار رقم 2425 الخاص بإنشاء بعثة أممية في السودان والقرار 2525 بتمديد بعثة اليوناميد، مضيفا انهما سيسهمان في دعم استقرار الفترة الانتقالية وعودة السودان للأسرة الدولية مع التأكيد الوارد في القرارين على حفظ الحقوق الوطنية الكاملة، مشيرا الى ان مجلس الامن والدفاع قد ابدى بعض التحفظات على القرارين!
* بالله عليكم، هل هذا بيان يصدر من شخص عاقل .. تعترف بأن القرارين سيسهمان في دعم واستقرار الفترة الانتقالية وعودة السودان للأسرة الدولية ..إلخ، وليس فيهما ما يمس السيادة والحقوق الوطنية، بل إنك تقر وتعترف بانهما يؤكدان على حفظ الحقوق الوطنية، فلماذا التحفظ عليهما، ولماذا لا تُوضح هذه التحفظات أم أن الشعب السوداني لا يستحق أن يعرف؟!
* وسؤال أخير، هل يعنى هذا التحفظ الغامض أن ننتظر من مجلس الدفاع والامن بتكوينه الحالي أو من المجلس السيادي الذى يسيطر عليه العسكريون ويفرضون إرادتهم على بقية الأعضاء، وضع العقبات امام البعثتين وإعاقتهما من إداء مهامهما في السودان بالشكل المطلوب، أم ماذا .. ومن يحل لنا هذا اللغز ؟!
الجريدة
زهير السراج