يبدو ان استجابة مجلس الامن لطلب رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك عقب اجتماعا ثلاثيا للمجلس السيادي، ومجلس الوزراء والحرية والتغيير، الذي كُلف بموجبه رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، بكتابة خطاب جديد للأمم المتحدة، للحصول على ولاية مجلس الأمن الدولي لإنشاء بعثة سياسية تحت البند السادس لدعم مفاوضات السلام، وإنقاذ الوثيقة الدستورية ، وإصدار المجلس قرارين نصّ أحدهما على تشكيل بعثة سياسية في الخرطوم مهمتها دعم المرحلة الانتقالية بالسودان، بينما الثاني يمدد مهمة بعثة “يوناميد” في إقليم دارفور حتى نهاية العام على الأقل وبحسب وكالة الأنباء الفرنسية فإن القرار الذي قضى بتشكيل البعثة السياسية الجديدة واسمها (يونيتامس) أعدت مسودته كل من ألمانيا وبريطانيا واعتمده مجلس الأمن بإجماع أعضائه ال ١٥
يبدو ان القرار اربك الحسابات السياسية للمكون العسكري ، لان البعثة السياسية سيكون صميم عملها حراسة الفترة الانتقالية ومراقبتها والعمل في إنفاذ جميع القوانين التي نصت عليها الوثيقة الدستورية وجعلها واقعاً وأمراً متاحاً ، لاسيما تلك العالقة بين سماء التنفيذ وأرض التلكؤ والتعطيل لحسابات سياسية ولتدخلات القلم الأحمر الذي تتعارض بعض القرارات مع مصالحه الخاصة، او دعونا نكون أكثر وضوحاً ونقول ان دخول البعثة السياسية الي السودان هو خروج لكل الاحلام الآنية والمؤجلة للعسكر والعشم في انقلاب على شرعية الثورة ، ووجود بعثة سياسية سيجعل الجميع في خدمة المدنية شاء المكون العسكري او أبى ، وهذا بالتأكيد يكون وقعه أكثر ايلاما على الفلول وأذرعهم داخل المجلس وتحطيم ودمار شامل لمخططاتهم التي تعمل ليل نهار لإفشال الفترة الانتقالية بخلق أجواء مشحونة بالفوضى والفتن ونشر ثقافة القتال والإحتراب في بعض ولايات السودان
وجاء بيان مجلس الأمن والدفاع الذي اصدره عقب الاجتماع رقم (١٢) والذى انعقد بالقصر الجمهورى بتاريخ ٧ يونيو ،وناقش فيه القرار رقم ٢٥٢٤ (٢٠٢٠م) الخاص بإنشاء بعثة انتقالية لتقديم الدعم الفنى لحكومة الفترة الانتقاليه وتأتي هذه القرارات استجابة إلي طلب حكومة السودان للامين العام للامم المتحدة بموجب خطابها بتاريخ ٢٧ فبراير ٢٠٢٠م وأكد مجلس الأمن والدفاع أن هذه القرارات سوف تسهم في دعم استقرار الفترة الانتقالية وعودة السودان للأسرة الدولية مع التأكيد الوارد في القرارين علي حفظ الحقوق الوطنية كاملة ، وابدي المجلس بعض التحفظات و ضرورة التزام بعثة الامم المتحدة بالتفويض الذي يتناسب وطلب حكومة السودان بما يضمن سيادتها علي أراضيها ووجه مجلس الأمن والدفاع الجهات المختصة بمراعاة هذه التحفظات كما أكد علي الاستمرار والعمل المشترك مع منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والاتحاد الأفريقي والأصدقاء والشركاء للتوصل لحلول تتسق مع ما ورد في خطاب طلب السودان وحقوقه في الحصول علي الدعم الفني المطلوب والمحافظة علي أمن وسيادة الوطن)
والمحير في البيان انه برهن كل ذلك الإرتباك الذي تحدثنا عنه وعن اسبابه ، وخرج البيان للناس هزيلا وضعيفا وهشاً ، أظهر بصورة جلية ضعف حيلة مجلس الامن والدفاع تجاه قرار مجلس الأمن والاحتماء خلف عبارة ( تحفظ ) حتى يلغي عنه اللوم الذي تلقيه الجهات الرافضه للقرار على عاتق رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك ويرمي به بعيداً عنه وكأن مجلس الدفاع يحاول ان يربت على كتف انصار المخلوع ويواسيهم خوفهم وهلعهم من القرار الذي سيقضي على كافة المؤامرات الأخضر منها واليابس ،
فكيف لطلب أرسل بموافقة كل الجهات التي ضمها الإجتماع يتحفظ عليه مجلس الامن والدفاع وماقيمة هذا التحفظ وهل قرارات مجلس الأمن بعد تصويت كافة عضويتها من الدول تلغى قرارها او تعدل فيه لمجرد كلمة ( تحفظ ) وليته البيان كان رافضاً لقلنا انه رفضاً من المبدأ الوطني الذي يزعم البعض جهلاً بالتعدي عليه وعلى سيادة الوطن لوجدنا له مبرراً لانه من الشجاعة ان ترفض قرارا حتى لو لم تملك القدرة والاستطاعة على تغييره ، فالرفض كان سيكون اكبر قيمة من التحفظ ومن ذلك البيان الذي خرج مشوهاً البيان ( الرافض المرحب ) الذي أظهر الشعورين ودمجهم في شعور واحد اسمه التحفظ
ولأول مره اعلم إن التحفظ يلزم به الجهات المختصة عندما قال المجلس ( يلزم مجلس الأمن والدفاع الجهات المختصة بمراعاة هذه التحفظات) وكيف هو التحفظ في معناه بالنسبة لمجلس الامن والدفاع هل سيستطيع المجلس معارضة البعثة وعملها داخل السودان ؟ .. لن يستطيع فموافقة الدولة على دخول البعثة (بناءً على طلبها) يعني ان البعثة ستمارس كافة صلاحيتها المنوطة بها وان الاعتراض عليها او عرقلتها امراً غير مجدي وغير مقبول ومضحك ، فإن كان مجلس الدفاع يجهل فهذه كارثة وان كان يدرك فهذه أم الكوارث
وخلاصة القول قرار انت موافق على طلبه وعلى نتائج الطلب ، ولاتستطيع الغاءه او تعديله ، كان جدير بك ان ترحب به بكل شجاعة وتدافع عنه بكل ثقة وتقف جنباً الي جنب مع حكومتك الموافقة مسبقاً عليه وتصدر بياناً يليق بك وبأمنك ودفاعك وتنأى عن لغة ( الجرسة ) على شاكلة التحفظ فأمر البعثة امراً اصبح واقعا ولاخيار الا التعامل معه ان كنت موافقاً عليه ، او التعايش معه ان كنت رافضا له فلاداعي لاصدار هذه البيانات ( العسكروسياسية ) التي تمسك العصا من المنتصف وأمهارها بتوقيعات أشخاص يقفون بعيدا ً عن ساحة الجدل والاختلاف في محاولة ضحلة تجعلك تتوارى خلف الأسماء المسالمة لتهرب من سياط النقد واللوم ،وشريكاً يظهر لك بالعداوة خير من شريك زائف .
طيف أخير :
خليك بالبيت
الجريدة
صباح محمد الحسن