حدائق ذات بهجة
عن أبي سعيدٍ الخدريّ رضي الله عنه أنّ رجلًا أتاه، وقال: أوصني يا أبا سعيدٍ، فقال له أبو سعيدٍ: سألتَ عمّا سألتُ عنه مَن قبلك، قال: «أوصيك بتقوى اللّه، فإنّها رأس كلّ شيءٍ. وعليك بالجهاد، فإنّه رهبانيّة الإسلام. وعليك بذكر اللّه وتلاوة القرآن، فإنّه روحُك في أهل السّماء وذكرُك في أهل الأرض. وعليك بالصّمت إلا في حقٍّ، فإنّك به تغلب الشّيطان».
قال ابن مسعود رضي الله عنه: يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَكُونُ الْمُؤْمِنُ فِيهِ أَذَلَّ مِنَ الْأَمَةِ.
قال أبو الدرداء: رضي الله عنه: «لا تكونُ عالماً حتى تكون متعلِّماً، ولا تكونُ بالعلم عالماً حتى تكونَ به عاملاً»
قال سفيان الثوري :أصلحْ سَرِيْرَتَك يصلح اللهُ علانيتَك، وأصلح ما بينك وبين الله يصلحِ الله ما بينك وبين الناس، واعمل لآخرتك يكفِك اللهُ أمر دنياك، وبِع دنياك بآخرتك تربَحْهما جَميعاً، ولا تبع آخرتك بدنياك فتخسرهما جميعاً.
عن مالك بن دينار (رحمه الله) قال:» إذا طلبَ الرجلُ العلمَ ليعملَ به سرَّهُ علمه، وإذا طلبَ العلمَ لغير أن يعملَ به زاده علمُه فخراً»
قال أبو حاتم:» العاقل لا يشتغل في طلب العلم إلا وقصدُهُ العمل به؛ لأنَّ من سعى فيه لغير ما وصفنا ازداد فخراً وتجبراً وللعمل تركاً وتضييعاً؛ فيكونُ فسادُه في المتأسين به فيه أكثرَ من فساده في نفسه، ويكونُ مثله كما قال الله تعالى: ( وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ)
قال وهيب بن الورد: إن استطعتَ ألا يسبقكَ الى اللهِ أحدٌ فافعلْ.
قال سلمة بن دينار: ما أحببتَ أن يكونَ معك في الآخرةِ فقدمْه اليوم، وما كرهتَ أن يكونَ معك في الآخرةِ فاتركْه اليوم.
قيل لحكيم: ما العافية؟ قال: أن يمرَّ بك اليومُ بلا ذنب.
قيل لأعرابي: «لقد أصبح رغيف الخبز بدينار» فأجاب: «واللهِ ما هَمَّني ذلك ولو أَصْبَحَتْ حَبةُ القمحِ بدينارٍ، فأنا أَعْبُدُ اللهَ كما أَمَرَنِي، وَهُوَ يَرْزُقُني كما وعَدَنِي».
أُخبرَ الحسنُ البصري أن رجلاً اغتابَهُ، فبعثَ إليهِ بطبقٍ فيه رُطبٌ، وقال: أهديتَ إليَّ باغتيابِك لي حسناتِكَ، فكافأتك عليها، فاستحيا الرجل، ولم يعد لذكره بسوء.
قال ابن قتيبة في كتابه عيون الأخبار: قرأت في كتاب للهند: «صحبة السلطان على ما فيهم من العز والثروة عظيمة الخِطار، وإنما تشبَّهُ بالجبلِ الوعِرِ فيه الثمارُ الطيبةُ والسباعُ العادية، فالارتقاء إليه شديد والمقام فيه أشدّ، وليس يتكافأ خيرُ السلطان وشرُّه؛ لأنّ خيرَ السلطان لا يعدو مزيدَ الحال، وشرَّ السلطان قد يُزيل الحال ويتلف النفوس التي لها طلب المزيد، ولا خيرَ في الشيء الذي سلامتُه مالٌ وجاهٌ، وفي نكبته الجائحةُ والتلفُ».
بهذه الطريقةِ يحمي المؤمنُ نفسٍه من المعاصي
قدم شاب إلى شيخ وسأله فقال: أنا شاب صغير ورغباتي كثيرة، ولا أستطيع منعَ نفسي من النظر إلى الناس والفتيات في السوق، فماذا أفعل؟
فأعطاه الشيخ كوباً من الحليب ممتلئاً حتى حافَّتِه، وأوصاهُ أن يوصلَه إلى جهةٍ معينةٍ يمرُّ من خلالها بالسوق دون أن ينسكبَ من الكوبِ ولو قطرةٌ من الحليب، واستدعى واحداً من طلابه ليرافقَه في الطريقِ، ويضربَه أمام كلِّ الناس إذا انسكب شيءٌّ من الحليب!
وبالفعل: واصل الشابُّ سيرَهُ عبر السوقِ حاملاً كأسَ الحليبِ إلى الوجهةِ المطلوبةِ دون أن تنسكبَ أيُّ قطرةٍ من الحليب.
ولما سأله الشيخُ: كم مشهداً، وكم فتاةً رأيتَ في الطريق؟
فأجاب الشابُّ: شيخي … لم أرَ أيَّ شيءٍ حولي، كنتُ خائفاً من الضربِ والخِزْيِ أمامَ الناسِ إذا انسكبَ مني الحليبُ!
فقال الشيخُ: وذاك هو الحالُ مع المؤمنِ في سيرِهِ إلى الله. المؤمنُ يخافُ من اللهِ ومن خزيِ يومِ القيامةِ إذا ارتكبَ معصيةً، بهذه الطريقةِ يحمي المؤمنُ نفسٍه من المعاصي، فهو دائمُ الحَذَرِ منها.
مجلة الوعي