*كفى تسييسا للكورونا يا من اشقيتم شعبكم بالحظر الشامل!*
ربما لا يصدقني بروف صديق تاور و د.اكرم ورفاقهما الذين سيسوا وباء الكورونا وجعلوا منه اكبر رافعات سياسة التمكين الجديد والتشفي والاقصاء ، لو قلت لهم إني لا اصدر في موقفي الرافض لتجديد الحظر الشامل عن موقف سياسي ، إنما يدفعني الى ذلك شعور وطني مجرد من أي هوى حزبي او شخصي.
من لا ينظرون الى اوضاع البلاد إلا من خلال ثقب التسييس الضيق في بلاد مثقلة بالأزمات والأخطار والتحديات قد يجدون وطنهم في اية لحظة في هاوية سحيقة لا قرار لها ولا قاع.
اعجب أن يتغافل اصحاب القرار عن الحقيقة المروعة ، أن القطاع الصحي قد انهار تماما وأن التزايد المريع في اعداد وفيات الامراض المزمنة وغيرها ، بالاضافة الى ضحايا الكورونا خلال الفترة الماضية ناشئ عن تلك الكارثة التي يتغافل عنها اكرم ورفاقه وهو يواصل ، بمنتهى اللامبالاة ، تجديد الحظر الشامل رغم تداعياته الكارثية على البلاد والعباد ، إذ لا خلاف أن الناس مجمعون على صعوبة الحصول على سرير في اي مستشفى عام او خاص لأي مريض يعاني من جلطة او ذبحة او غير ذلك ، حيث (يتجارى) ذووه بين المستشفيات لانقاذه منها ولا يجدون مأوى حتى يسلم روحه الى بارئها ، وقد رأى الناس عبر الأسافير صور اسرة المرضى (مجدوعة) في عراء مستشفى الخرطوم كشاهد على البؤس وضنك الحال الذي بات سبة مخجلة تسيء ، من خلال الفضائيات الفاضحة ، الى صورة السودان باكبر مما تسيء الى شعبه الصابر المحتسب.
كذلك يتجاهل اصحاب القرار بمنتهى اللامبالاة حالة الفقراء والمعدمين من اصحاب رزق اليوم باليوم وغيرهم من العاملين في القطاع الخاص الذين يبيتون على الطوى متناسين ان معظم الدول التي فرضت الحظر خاصة في اوروبا عوضت مواطنيها عبر اعتماد موازنات خاصة علاوة على الضمان الاجتماعي.
لماذا يا ترى هذا التغافل غير المسؤول عن هذه الأزمة المتفاقمة التي تمسك بخناق البلاد ، وكيف تتباكى مكونات قحت بالليل والنهار بدموع كاذبة على شهداء الاعتصام بينما لا تبالي بوفيات كارثة انهيار الخدمات الصحية؟!
اقولها بصدق إن حكومة قحت تلف الحبل حول عنقها خنقا بل وازهاقا للروح وانتحارا بقرار تمديد الحظر الشامل في تجاهل لتداعيات قرارهم على مختلف الأصعدة الصحية والاقتصادية والاجتماعية.
هل تعلم لجنة الطوارئ ما ترتب على اطالة امد قرار الحظر على الموسم الزراعي الصيفي الذي انشغلت الحكومة عنه بعد ان عطلت حياة الناس وسجنتهم داخل دورهم ولم تجهز مطلوبات الموسم الزراعي من وقود ومدخلات مع وجود مهددات اخرى تتمثل في قيام البنك الزراعي ببيع المخزون الاستراتيجي من الذرة؟!
إنني لأحذر من مجاعة اكاد اراها رأي العين بينما اكرم وحزبه الشيوعي لا يرون الا اجندتهم الصغيرة ، فما اتعس السودان بهؤلاء الفاشلين الذين أذاقوه من الذل والهوان ما لم يشهده في تاريخه الطويل.
للأسف الشديد فان بلادنا الآن تعيش حالة من ضعف (مؤسسي) وفوضى ضاربة الاطناب لم تشهدها منذ الاستقلال ذلك انها ، ربما لاول مرة بعد سقوط الدولة المهدية ، لا تديرها حكومة بمؤسسات تنفيذية وتشريعية وقضائية فقد اختلط الحابل بالنابل سيما مع خلو منصب رئيس الوزراء الذي يتولاه رجل عاجز عن الفعل والقرار بعد أن سلم اهم واجباته ومسؤولياته لنائب رئيس المجلس السيادي ، ذلك أن رئيس الوزراء يفترض أن يقوم بدور المايسترو الذي يضبط ايقاع مؤسسات الدولة عبر السلطة التنفيذية التي تدور حولها المؤسسات الاخرى التشريعية والقضائية.
ربما يدهش الناس ان السودان هو الوحيد الذي يغرد وحيدا خارج المنظومة العالمية في التعامل مع وباء الكورونا بمعايير (قاطعها من راسو) والا فحدثوني بربكم لماذا يخرج ملايين البشر رغم الكورونا ويملؤون الشوارع بالليل والنهار في معظم ولايات امريكا الخمسين احتجاجا على الجريمة العنصرية البشعة التي حدثت مؤخرا بالرغم من ان احصائيات ذلك الوباء تثبت أن عدد الوفيات في امريكا يتجاوز حتى الآن الفا في اليوم ، ولماذا فتحت الاسواق والمدارس والحدائق في معظم الدول الاوربية التي لا تزال تعاني من الوباء مثل ايطاليا واسبانيا وفرنسا والتي تحصد الكورونا حياة الالاف من مواطنيها يوميا؟!
في تلك الدول التي خففت من اجراءات الحظر وفتحت الاسواق بالرغم من انها الاكثر تضررا لم يعان مواطنوها مما عانى منه السودانيون فقد وفرت حكوماتها ما يسد حاجات مواطنيها من مطلوبات العيش الكريم ، اما في بلادنا المنكوبة فحدث ولا حرج!
إنني ادق ناقوس الخطر واحذر من تمديد الحظر الشامل الذي تجاوزه كل العالم بما في ذلك الدول العربية كمصر والسعودية والامارات وغيرها والتي بلغ عدد وفياتها اضعاف ما بلغه السودان.
الطيب مصطفى