عرمان والرقص فوق الجماجم والقبور

[JUSTIFY]
عرمان والرقص فوق الجماجم والقبور

تقف مفاوضات أديس أبابا بين الحكومة وقطاع الشمال بالحركة الشعبية حول المنطقتين، على جرف الانهيار، بسبب تذبذب وفد الحركة المفاوض الذي لم يكن يتحلى بأي قدر من المصداقية ولأسباب لا صلة لها بموضوع التفاوض، ولوجود أجندة خفية هدفها إفشال المفاوضات ومنع تقدمها وزيادة معاناة أهل المنطقتين جنوب كردفان والنيل الأزرق، وتستغل الحركة الشعبية قطاع الشمال قضية المنطقتين وتستثمر سياسياً في دماء البسطاء وأرواح المساكين من أجل أغراض سياسية رخيصة ومطامع شخصية وتكسب بأنهار الدم التي تجرى من أشلاء الضحايا وأحزانهم.
أول من أمس لاحت بارقة أمل في لقاء الوفدين وجهاً لوجه، وكانا معاً في لقاء امتد لساعات، تحدث فيه عدد من أبناء المنطقتين في الوفدين بالإضافة إلى رئاسة الوفدين، وكان الحديث يتجه نحو درجة في سلم الصعود نحو حل متوقع.. وخرج الجميع من الاجتماع وقد تعلقوا على خيوط الأمل بإمكان السودانيين وحدهم تحكيم عقولهم وتقدير مصالح وطنهم وأهلهم والضغط على الجراح والتوصل لاتفاق لا خاسر فيه ولا كاسب.
لكن المفاجأة جاءت في اليوم التالي، فصباح أمس وصل وفد الحركة الشعبية قطاع الشمال إلى قاعة الاجتماعات ونسف كل الجهد السابق وسكب حمماً حارقة على المفاوضات، وتراجع عن موقفه في اليوم السابق، وأصرَّ على طرح المطالب التعجيزية وإزهاق روح المفاوضات وإطلاق رصاصة الرحمة عليها!!
وياسر عرمان كعادته كان هو السبب الرئيس في تعقد المفاوضات ونشر حالة الإحباط، فهو يجيد الرقص فوق القبور والجماجم ورميم العظام، وظلت طموحاته الشخصية وليست مواقفه السياسية هي التي تدفعه إلى مثل هذه المواقف التي تفوح منها رائحة التشبث بالأوهام والفراغ.
إذا كان عرمان يستغل قضايا المنطقتين جنوب كردفان والنيل الأزرق، ويربط مستقبله السياسي باستمرار الحرب ومواصلة أنهار الدماء على الجريان، ويتخذ من هذه القضية قنطرة للصعود إلى الواجهة وعلى تلال آلام وأحزان الأيتام والأرامل والثكالى من مواطني المنطقتين، فما الذي يجعل أبناء هاتين المنطقتين في الحركة الشعبية وقطاع الشمال، يرهنون مستقبل مناطقهم وأهلهم بطموحات شخصية لرجل لا يعرف إلا حرفة الصعود على أكتاف الآخرين والتلذذ بلغة الموت والحرب؟
لقد أضاع أبناء المنطقتين وقتاً ثميناً تحت رايات الحركة الشعبية الأم وابنتها الناشز قطاع الشمال، فوجود أمثال عرمان على قيادة وفد المفاوضات سيكون سبباً رئيساً في إطالة أمد الحرب ومنع رياح السلام والاستقرار أن تهب من جديد على هذه المناطق المظلومة المنهوكة بجنون الحروب وقيود التخلف التنموي والخدمي والتهميش السياسي.
ففي كواليس التفاوض أشياء لا تشبه أبناء جنوب كردفان والنيل الأزرق، فهاتان القضيتان، جعلهما ياسر عرمان قميص عثمان في يد كثير من الناشطين السياسيين الفاشلين، خاصة من أعضاء الحزب الشيوعي السوداني وبعض عملاء المخابرات الذين تقاطروا من كل مكان إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، واختبأوا في فنادقها القريبة من مقر المفاوضات، ويوجهون عرمان ويديرونه بالريموت كنترول، ليتجه نحو أغراضهم وأهدافهم ومطامعهم السياسية، يحركونه في كل اتجاه إلا الاتجاه المؤدي إلى جبال النوبة والنيل الأزرق؟
فلمصلحة من يوجد عدد من هؤلاء الخبراء الذين استجلبتهم الحركة إلى أديس أبابا، ليقرروا مصير المساكين من المواطنين الذين كرهوا هذه الحرب الملعونة ولا يريدون إلا السلم؟
أما آن الأوان لوقف هذا التلاعب والاستغلال لقضية جبال النوبة والنيل الأزرق؟ فأصحاب المصلحة الحقيقيون لا صلة لهم باختطاف الحركة الشعبية قطاع الشمال قضيتهم والتربح بها في المحافل الإقليمية والدولية وجني الأموال والثروات والتمتع بها على حساب المسحوقين المنكوبين بالحرب والدمار والخراب.
وكشفت هذه المفاوضات أن عرمان ومجموعة الخبراء الذين استقدمهم والانتهازيين من اليساريين، لا رغبة لهم في سودان مستقر وآمن، فهم ينفذون مخططاً تدميرياً خبيثاً بدأه عرمان بالتفريق بين أبناء النوبة والنيل الأزرق والاستحواذ على كلمتهم وإرادتهم وإلقاء قضيتهم في نار أحلامه وأوهامه التي سيكون مصيرها الفشل والضياع.
وواضح من مسار التفاوض أن الجبهة الثورية التي كونتها الحركة الشعبية لإضعاف السودان، وتشهد تمزقات وتشظيات غائرة وعميقة، هي التي يخشاها عرمان، فبعد تصريحات قادتها عبد الواحد وجبريل ومناوي، فهو يفر مذعوراً ويحاول نسف المفاوضات فحلفه معهم أهم بكثير كما قال غندور من حياة الناس في المنطقتين.. بئس هذه القيادة وهذا الزمن الكؤود الذي جلب على أهل المنطقتين أمثال هؤلاء ليمثلوهم في حقوقهم ومصيرهم وقضاياهم.
[/JUSTIFY]

أما قبل – الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة

Exit mobile version