رأي ومقالاتمدارات

حول علاج سوداني لكوفيد-19 بالأوزون


حول علاج سوداني لكوفيد-١٩ بالأوزون
إستمتعت لمؤتمر صحفي قصير (١) عن الاختراع، حيث قالت المنصة فيه ما فحواه:
– الأوزون يقضي على الفيروسات بتأثير مباشر (أكسده)، فيذيب بعض مكونات غشائها الخارجي ليسلبها الفعالية.
– أنه علاج آمن جدا وأن جسم الإنسان ينتجه.
– أنه يستعمل للعلاج والوقاية، وأنهم عقموا به القاعة لذا لم يهتموا بإجراءات التباعد ولبس الكمامات، ونصح أحد الباحثين الحضور بخلع كماماتهم على مسئوليته الشخصية.
التعليق:
في أوقات الهرج والمرج هذه، وعدم تمكن أغلب الناس (بسبب تخصصية المواد المقدمة) من تقييم ما يقال بأنفسهم، فتظل نصيحتي الأساسية قائمة؛ التمسك بالأساسيات والحس المشترك common sense ، دون الإنشغال بالبهرجة القولية وكرنفالات المؤتمرات الصحفية!
الأساس في فعالية أي علاج طبي جديد أو قديم هو مروره بمراحل الإثبات المعروفة (ما قبل السريرية، المراحل السريرية الثلاث) ونشره للمراجعة بالمجلات الطيية المعروفة. لفت نظري أن المؤتمر الصحفي كله لم يذكر أي تفاصيل عن هذا، بل حتى كإستجابة لسؤال مباشر من أحد الصحفيين، لم يقدم الباحث أي إجابة مقنعه (مرجع لمجلة نشرت البحث، النتائج عن نسبة النجاح، حجم الدراسة، إلخ) مما يعني برأيي أنه لم تتم دراسة كهذه من الأساس.
فهل يعني هذا أن العلاج مبتكر وربما يظهر أنه فعال ؟
هنا الإجابة ستكون بلا كبيرة، وحتى لا أطيل بتفاصيل نقاش علمي غير ملائم لبوست فيسبوك، أكتفي بهذه النقاط في تفنيده:
– العلاج بالأوزون هو من ممارسات الطب البديل وليس علاجا مسجلا معترفا بأي من الهيئات الصحية القومية والدولية المعتبرة، كما تغيب أي دراسات محكمة RCTs عن إستعماله مع وجود حالات موثقة لأضرار بالغة نتجت عنه كالإنصمام الرئوي pulmonary embolism.
– أصدرت (٢) إدارة الأدوية والعقاقير الأمريكية عام ٢٠١٩، تحذيرا من إستعمال الأوزون بالعلاج منبهة لأنه غاز سام لا تظهر آثاره التدميرية بالميكروبات إلا بتراكيز عالية ضارة جدا بالجسم البشري، وجرمت فيه إستخدام أجهزته العلاجية.
– كانت هناك محاولات متفرقة بأجزاء مختلفة بالعالم منذ بدء الجائحة بتجريب هذا العلاج بالذات بكل من الصين وإيطاليا وغيرهما، كعلاج مساعد وكمعقم للأماكن، من قبل مناصريه دون أي نتائج إيجابية تذكر، فالفكرة قد جربت بسبب اليأس الحالي بالجائحة منذ شهر مارس فعلا.
– إن كان الأوزون فعلا علاجا ناجعا ضد كل الفيروسات (لأنه طريقة عمله فيزيائية مباشرة بزعمهم)، وبما أن فكرة العلاج به قديمة وتقنياتها متوافرة من عقود، فلماذا لم نقض على الايدز والانفلونزا والحصبة وكل الامراض الفيروسية حتى الآن! هذا لوحده كفيل بأن يلفت الانتباه لوجود مشكلة ما، الأمر أشبه بفكرة ترامب العبقرية بشرب المطهرات للعلاج من الكورونا، فهي فكرة تبدو واضحة الفعالية والبطلان معا من أول وهلة.
فخلاصة القول هو أن المؤتمر لم يقدم أي دليل مقنع على دعاويه العريضة، بل قدم تلك الإدعاءات بإسلوب مسرحي (الاتصال بالسفارات لإعلامهم بالعلاج المعجزة)، ثم أنه قدم تأكيدات صارمة بائنة الخطأ عن أضرار العلاج المحتملة.
أخيرا، لابد لي من التنديد بعدم اتباع إجراءات التباعد والسلامة بالمؤتمر بزعم أن القاعه معقمة! لأن الفيروس ينتشر بشكل أساسي (٣) عبر المخالطة اللصيقة، لذا لن ينفع أن تكتفي بالتعقيم المسبق لمكان ما. فإن توهمت أن وجود الأوزون بهواء الغرفة سيكفي لقتل الفيروس، فإما أن يكون موجودا بتركيز مناسب لذلك مما سيؤذي الحضور بشدة، أو يكون أقل من ذلك بحيث تساهم في نقل العدوى بينهم، هذا لوحده يكفي في نظري للضرب صفحا عن هذا الاختراع والشك في رأيهم الباده.
المراجع:
(١)https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=3804881506250455&id=128014907270485
(٢)https://www.accessdata.fda.gov/scripts/cdrh/cfdocs/cfcfr/CFRSearch.cfm?fr=801.415
(٣)https://www.cdc.gov/coronavirus/2019-ncov/prevent-getting-sick/how-covid-spreads.html
——————————–
إضافة :
أخبرت ابنتي ذات العشرة أعوام عن المؤتمر الصحفي بهدوء وسألتها عن رأيها، فقالت: بالتأكيد لأ، إذا كانت أفضل العقول بالعالم اللي بنستهلك في علومها ما اهتمت بيهو، البخلي الفكرة دي تنجح شنو؟ ما بقول اننا اغبياء لكن في نظرهم نحن كذلك! اما لو كانت فعلا فرضية جديدة فمفروض يقدموا إثبات كافي عنها ، فهل عملوا كده؟

Mohammed Qurashi Abbas


تعليق واحد

  1. يا امة ضحكت من جهلها الامم
    اسوأ انواع الجهل ما كرسه انصاف المتعلمين الذين يضللون البسطاء بانتمائهم للمهنة و ظهورهم في الاعلام بالبدل و الكرافتات و العقول الخاوية
    يا اخي نحن ما عندنا فحوص ملاربا كافية تقول لي سبقنا العالم بالاوزون
    بحوث العلاج مكانها الاوساط العلمية و ليس لايفات الوتساب المتاحة لأي امي مع احترامي للاميين اذا لم يدعوا سبقهم لعيادات مايو كلينيك.
    جعلتونا مضحكة و لكن توقعوا ان يصفق لكم البسطاء كما صفقوا لمئات الادعاءات في هذه الكورونا التي افترى عليها كل من هب و دب.