شهد السودان، منذ مطلع الأسبوع الجاري، 6 أحداث سياسية أربكت المشهد السياسي الهشّ، أبرزها ما حصل الأربعاء من تضارب كبير بين مكونات السلطة الانتقالية، مجلس السيادة ومجلس الوزراء وتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير الحاكم، بشأن بمصير وزير الصحة أكرم علي التوم في الحكومة.
تجمّع المهنيين السودانيين: انتخابات الانشقاق
قبل يومين، أعلن تجمّع المهنيين السودانيين (دينامو الحراك الثوري الذي أطاح نظام الرئيس المعزول عمر البشير) إجراءه انتخابات داخلية، أفضت إلى اختيار قيادة جديدة للتجمع وممثليه في تحالف قوى الحرية والتغيير.
لكن ذلك الإجراء أثار غضباً واسعاً داخل النقابات التي تشكل التجمع، فأعلنت غالبيتها رفضها القاطع للانتخابات، وأكدت عدم اعترافها بنتائجها، مع اتهام الحزب الشيوعي بالهيمنة على الجسم النقابي الأهم.
وحتى اللحظة، تتواصل بيانات الرفض، ما يؤشر على وجود احتمالات قوية لانقسام في أقوى مكونات المنظومة الحاكمة، الذي حصل على زخم كبير في الفترة الأخيرة.
مصير وزير الصحة
فرضت ظروف تفشي فيروس كورونا أن يكون وزير الصحة أكرم علي التوم في واجهة الأحداث، شأنه شأن كل وزراء الصحة في العالم.
وحاز أداء الوزير إشادات العديد من الجهات، في وقت تحدثت في كثير من المصادر عن خلافات عميقة بينه وبين عضو مجلس السيادة، رئيس اللجنة العليا للطوارئ الصحية صديق تاور، ومع الفريق إبراهيم جابر، عضو مجلس السيادة، وأيضاً عن خلافات مع بعض المكونات الطبية.
والأربعاء، نقلت تقارير صحافية معلومة تفيد بتوافق بين مجلس السيادة ومجلس الوزراء والحرية والتغيير على إقالة الوزير، لكن سرعان ما خرجت الحرية والتغيير ببيان تنفي فيه صحة المعلومة، ودحضت تقديمها توصية الإقالة، ليبلغ الارتباك قمته بعد ذلك برد من مجلس السيادة في صفحته على الفيسبوك، يؤكد وجود قرار في هذا الصدد.
وتناقلت كل وسائل الإعلام السودانية ووكالة الأنباء الحكومية ذلك، وبعد ساعة تقريباً جرى المنشور من صفحة المجلس، ومن وكالة السودان للأنباء، لتفتح صفحة جديدة من الضبابية والغموض حول مصير وزير الصحة.
أحداث جنوب كردفان: صراع بغطاء قبلي
بدت الأحداث الدموية في مدينة كادوقلي، غربيّ البلاد، وكأنها أحداث بين قبيلتين، غير أن ما تكشّف بعد ذلك بدا مغايراً، إذ استهدفت كتيبة عسكرية انشقت في السابق عن التمرد وانضمت إلى الجيش السوداني، قوات الدعم السريع في المدينة، ما سبّب سقوط عدد كبير من القتلى في صفوف الدعم السريع، وإصابة آخرين.
واعتبر قائد الدعم السريع نائب رئيس مجلس السيادة، الفريق محمد حمدان دقلو، ما جرى محاولة للفتنة بين الدعم السريع والجيش، وفي إطار محاولة سحب الدعم السريع من الخرطوم بإشعال الصراعات القبلية في الأطراف.
الصراعات القبلية: بقايا نظام البشير؟
وأيضاً، كانت الصراعات القبلية جزءاً من إرباك المشهد العام، إذ تفجّرت خلال الأيام الماضية في كل جنوب دارفور وكسلا، وأدت إلى مقتل وإصابة العشرات.
ويعتقد كثيرون أن عناصر النظام السابق يقفون وراء تحريك تلك الصراعات لتظهر الحكومة بمظهر العاجز.
التحالف الحاكم: خلافات بين مكونات الثورة
منذ أن جمّد حزب الأمة القومي، بزعامة الصادق المهدي، نشاطه داخل تحالف الحرية والتغيير الحاكم، علت الأصوات الداخلية التي تنتقد الخلافات داخل التحالف.
تلك الخلافات عبّر عنها أحد القادة البارزين فيه، خالد عمر يوسف، الذي تحدث أمس في صفحته على الفيسبوك عن اتساع الفجوة بين قوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة، والصراعات على الاستحواذ على اللجان وتجييرها حزبياً، وبيانات تصدر عن قوى عديدة تؤسس لزيادة الشقة بين قوى الثورة، وعن تناسل الأزمات لتضرب كيانات عدة، وتجميد حزب الأمة، والخلافات في نداء السودان، والتباينات داخل الجبهة الثورية.
وحذر يوسف من تكرار التجارب التاريخية التي أوصلت “بعض أنصار الديمقراطية” للقول بعبارة شهيرة: “بكرة كان جا شالها كلب ما في زول بقول ليهو جر”.
جنرال متقاعد وزيراً للدفاع
بعد وفاة وزير الدفاع الفريق أول جمال الدين عمر، بمدينة جوبا في أثناء مشاركته في مفاوضات السلام مع المتمردين، في مارس/ آذار الماضي، توقع الجميع تسمية المكون العسكري وزيراً جديداً بالسرعة المطلوبة، لأن ذلك يبقى حقاً للمكون العسكري بموجب الوثيقة الدستورية، لكن الأمر تأخر كثيراً، ما ترك كثيراً من التساؤلات.
والأربعاء، اختار المكون العسكري اللواء المتقاعد ياسين إبراهيم إبراهيم للمنصب، ولعل سرّ اختيار وزير للدفاع من الضباط المتقاعدين، على غير العادة، يضيف تساؤلات جديدة قد تحتاج لإجابات لاحقة.
الخرطوم ــ عبد الحميد عوض
العربي الجديد