* صدرت عن قسم طب الطوارئ بكلية الطب بجامعة جونز هوبكنز الأمريكية ومركز التحليل الديناميكي للأمراض والاقتصاديات والسياسات بالعاصمة الامريكية واشنطن دراسة حديثة بتاريخ السادس من مايو الجاري عن السيناريوهات المحتملة لتطور وباء الكورونا وعدد الاصابات في دول القارة الافريقية في الفترة ما بين شهري يونيو واكتوبر من هذا العام في حالات الاغلاق الكامل والجزئي والتدابير الاحترازية الاخرى ، استنادا على ظروف كل بلد وعدد الإصابات الحالية ونوع الإجراءات الوقائية المتبعة وعمليات المسح المرضى لعزل المصابين، آخذة في الاعتبار نوع الحياة الاجتماعية ونمط الحياة السائدة في كل بلد ..إلخ!
* قبل الدخول في التفاصيل، لا بد أن أذكر في البدء أن الهدف لهذا النوع من الدراسات المهمة التي نفتقد إليها في أفريقيا هو وضع تصور علمي بقدر الإمكان لما يمكن أن يحدث من سيناريوهات وتطورات في حالات معينة مثل تفشى الأمراض أو استخدام ادوية وعقاقير مثل المضادات الحيوية بشكل واسع أو حدوث الازمات السياسية والاقتصادية، حتى تتنبه الدول وتضع الخطط المناسبة وتجتهد قدر الامكان للتقليل من الاضرار الى اقصى حد ومنع حدوث السيناريو الاكثر فداحة وتكلفة، وهو ما تحاول الدول فعله الآن باتخاذ الإجراءات والتدابير الوقائية وفرض حظر التجول والاغلاق الاقتصادي .. ..إلخ!
* عندما يعلن وزير الصحة او لجنة الطوارئ الصحية (مثلا) تطبيق قواعد صحية معينة او اغلاق الاسواق او فرض حظر التجوال ..إلخ، فإن هذا يحدث بناءً على الاضرار المتوقعة من تفشى وباء الكورونا ومحاولة التقليل منها بقدر الامكان، ولا ينشأ من فراغ أو من مزاج شخص معين، وهنالك مراكز بحثية متخصصة في هذا النوع من الدراسات التي تبنى على معلومات دقيقة وعلوم ومعادلات رياضية معقدة ، وليس مجرد تخمين كما يظن البعض الذى درج على استسهال كل شيء والتهكم منه، وعندما تُصدر جامعة عريقة أو مركز بحثى محترم دراسة تحمل توقعات معينة ستحدث في امر معين في بلد معين، يجب النظر إليها بعين التقدير والاستفادة منها للتقليل من حجم الضرر المتوقع، وليس التشكيك والتخوين والاستهزاء، فالهدف من الدراسة تحقيق المصلحة العامة وليس التهوين من شأن دولة أو مجتمع!
* تنبأت الدراسة التي قام بها باحثون وأكاديميون مميزون بكلية الطب بجامعة جونز هوبكنز الامريكية المعروفة ومركز التحليل الديناميكي للأمراض والاقتصادات والسياسات بواشنطن ( CDDEP ) الذى يعد احد اهم المراكز البحثية في العالم في مجال التحليل الديناميكي وتصميم النماذج الرياضية، بان يصل العدد الكلى للإصابة بالفيروس في دول شمال أفريقيا (السودان، مصر، ليببا، تونس، الجزائر، والمغرب)، حوالى 23 مليون خلال الفترة ما بين يونيو واكتوبر من هذا العام ، نصيب السودان منها حوالى 4 مليون، مصر 9 مليون، ليبيا 500 ألف، تونس مليون، الجزائر 4 مليون، والمغرب 3.5 مليون، وهى تضم الإصابات الاكلينيكية والاصابات غير المرئية (بدون أعراض)، والإصابات الحادة (الشديدة)، بينما توقع أن يكون عدد الإصابات الحادة (الشديدة) حوالى واحد على مائة من هذه الأرقام، وقدرها في السودان بحوالي 60 ألف، كما اعطى تفصيلات أخرى لعدد الإصابات المتوقع في ظروف مختلفة مثل الحظر الكامل، والحظر الجزئي والحظر الكامل مع اتباع الإجراءات الوقائية والعزل الطبي والتباعد!
* إذا وضعنا هذه الدراسة جنبا الى جنب مع المعلومات الخطيرة التي تناقلتها أجهزة الاعلام في اليومين الماضيين عن ارتفاع معدلات الاصابة مرة اخرى في بعض الدول مثل ألمانيا والصين بعد تخفيف اجراءات العزل، وعدم وجود علاج أو لقاح، بالإضافة الى هشاشة النظام الصحي في بلادنا وتفشى الفقر وسوء التغذية والامراض الوبائية الاخرى ، لتبين لنا بكل وضوح أن معركتنا مع الكورونا ستكون قاسية جدا .. وأنها لا تزال في بدايتها!
زهير السراج
الجريدة